أنه لم يقف عليه في استعمال العرب، ولا ينافيه اطلاع غيره على غيره.
والحق هو الوجه الثاني، إذ عدم الذكر أعم من النفي، لجواز كونه لعدم وقوفه عليه أو عدم ثبوته عنده والعام لا يدل على الخاص، فإذا لم يدل على ذلك فالمثبت في هاتين الصورتين سليم عن المعارض، فيقبل.
وإن كان بدخول الأقل في الأكثر، فهل يؤخذ هنا الأقل لأنه متيقن من المعنيين، أو لا؟ وجهان، والوجه: الثاني، إذ ليس هنا بين المعنيين متيقن في المفهوم الذي هو ميزان الوضع، وليس هذا إلا كالتباين حقيقة.
وإن كان بالتباين، فمع نفي كل منهما الاخر يقع التعارض، ويأتي حكمه.
وبدونه - مع اطلاع أو بدونه - فالأقوى ثبوت المعنيين معا، لما قرر (1) أن السكوت غير ناف، فكل منهما مخبر بلا معارض.
وإن كان بالعموم مطلقا، فربما يتوهم كون هذا التعارض مثل الأخبار، فيحمل المطلق على المقيد، فلو قال أحدهما: (إن الغناء هو مد الصوت) وقال الآخر: (مد الصوت مع الترجيع) وقال ثالث: (مع الطرب أيضا) نقول: إن الغناء عبارة عن مد الصوت مع الترجيع المطرب.
وهذا توهم فاسد.
أما أولا: فلأن الإطلاق والتقييد فرع كون المطلق غير ناف للمقيد، ولقائل أن يقول: إن الإطلاق في مقام التعريف غير الإطلاق في مقام الحكم، فمن قال: إنه مد الصوت (2) هو ذلك لا غير، فهذا أيضا مقيد بالعدم، فكيف يجعل هذا مطلقا؟
لا يقال: إنك ذكرت أن السكوت غير دال على النفي، فلعله لم يطلع عليه.
قلت: هذا في المعنيين حق، وأما المعنى الواحد فالظاهر كون ما ذكره تمام المعنى.