وعم المكلفين في الأزمنة وإن زال الوصف بعد ذلك، إثباتا للحكم في ذلك باستنباط العلية في الأثبات فيعم كل زمان، وبقاعدة الاشتراك فيعم كل مكان، وإبقاءا له بعد زوال الوصف بالاستصحاب، لعدم ثبوت العلية في العدم.
والظاهر من كلمة الأصحاب: اعتبار الوجه الخامس في النفقات، واعتبار الوجه الثاني في السجدة على المأكول والملبوس، واعتبار الوجه الثالث في الربا في المكيل والموزون. ويظهر من بعضهم وجوه أخر في ذلك.
والذي ينبغي تأسيس الضابط في ذلك، وخروج بعض الأفراد بدليل خاص غير قادح.
فنقول: أما الذوات - كالدلو واليد والرجل والحنطة ونحو ذلك - فالأقوى اتباع المعتاد الغالب في ذلك بحسب كل زمان ومكان بحسب أهله.
واحتمال لزوم النزح بدلو معتاد في زمن الخطاب، وغسل الأعضاء أو المساحة بشبر أو ذراع معتاد في زمن الخطاب - فلا ينفع ما اعتيد في هذا الزمان لو ثبت القصر أو الصغر عن ذلك - بعيد جدا. وليس ذلك لعدم الانصراف إلى المتعارف، بل لأن التكليف بالذات المتعارف، فيكون كل مكلفا على حسب متعارف زمانه ومكانه.
ولا يتخيل متخيل: أنه على هذا يلزم مثله في الأرطال والموازين والدرهم (1) ونحو ذلك، لأن كلامنا في الكلي المتعارف الأفراد، لا في اللفظ المختلف المعاني، فإن اشتراك اللفظ أو نقله من معنى إلى آخر لا يوجب إجزاء المعنى الاخر عما أراده الشارع.
وبالجملة: الكلام في الذوات بمعنى أسماء الأجناس التي لها أفراد متعارفة في الأزمنة وإن كان المتعارف من أفراد الحنطة والإبل - مثلا - في زمان غير ما هو المتعارف في زمان آخر. ويدل على هذا المعنى طريقة أهل العرف وأصحابنا