أطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون، ويحرم الربا في المكيل والموزون، ويجب نزح عشر دلاء عن البئر، وينقض الوضوء ما خرج من المخرجين، وغير ذلك مما علق الشارع عليه الحكم وانصرف إلى المعتاد، ونحوه مسألة مستوى الخلقة المأخوذة من الاطلاقات وانصراف التحديدات إليه - فهنا وجوه:
أحدها: ملاحظة المعتاد في زمان الشارع (1) في جميع ما ذكر، نظرا إلى أن عنوان الحكم هو ذلك، ومجرد اعتبار وصف معه قابل للتغير والتبدل بحسب الأزمان والأوقات لا يوجب تقييد الموضوع بالوصف، فكما أن الدينار والدرهم والرطل ونظائر ذلك من الذوات التي لم يؤخذ معها وصف يراد بها ما في زمن الشارع - وكذلك الأوزان - ولا يعتمد على ما في هذا الزمان، فكذلك في الملبوس والمكيل والمخرج ونحو ذلك مما اعتبر بلفظ الوصف، فيعم الحكم في ذلك الموضوع لكل زمان ومكان وإن تبدل الوصف أو لم يكن في ذلك وصف في مكان أصلا. ولا عبرة بما يتجدد فيه الوصف في زمان آخر، أو كان فيه الوصف في مكان آخر.
وثانيها: الفرق بين الذوات والموصوفات بأن اعتبار الوصف يشعر بكون ذلك علة في ذلك الحكم في الجملة، فكل ما كان هذا الوصف معتادا فيه ولو في بعض الأمكنة فهو داخل تحت اللفظ سواء كان في زمن الشرع أو غيره، لأن عنوان الحكم إنما هو المشتق والمشتق يصدق على كل فرد وجد منه في الخارج وصار من الأفراد الغالبة، إذ ليس معناه إلا ما تلبس بهذا الوصف في الغالب المعتاد.
والفرض تحقق القيدين معا، وكلما زال أحد الأمرين أو انتفى - بأن يكون موصوفا غير غالب، أو غالبا غير موصوف - ينتفي الحكم في ذلك، لانتفاء الاسم والعنوان، ومجرد كونه كذلك في زمن الشارع أو مكانه لا يقضي بالعموم.
وثالثها: اعتبار ما وجد من الأفراد في زمان الشارع وإن تغير بعد ذلك