والبول والإباق وانصراف الكيل والوزن إلى المعتاد ونظائر ذلك - ومرادنا بكونها مناطا لحكم: كونها باعثا على البناء على هذا الحكم وكونها علة في ذلك - فإن تحققها صار سببا للرجوع عليها من أيام الدم، وللحوق مفتاح الدار والبناء والأغلاق في بيعها، وثياب المملوك في بيعه، ولحوق القتب والزمام ونحو ذلك في إجارة البغل، وفي انصراف إطلاق النقد أو البيع به، أو التوكيل في معاملة إلى الغالب، وفي صدق العيب بهذه الأسباب - إذ الواحدة (1) لا تعد عيبا - وفي انصراف المن أو القفيز أو نحو ذلك إلى المعتاد، وفي لزوم نفقة المضارب، وكيفية عمل العامل في المساقاة ونحوه (2) وحفظ الودائع.
وبعبارة أخرى: نريد كون العادة سببا لجعل حكم أو صرف لفظ إلى معنى، فهناك يدور الحكم مدار الاعتياد في زمانه ومكانه ونوعه وجنسه، فكل امرأة تتبع عادة نفسها، وإن تغيرت فالحكم لللاحقة. وكل لفظ من الألفاظ المذكورة وتابع من التوابع يتبع بلد الإطلاق للفظ وإيقاع المعاملة في ذلك، وكلما تغيرت العادة في شئ من ذلك تغير.
ومن طريق تحرير المسألة علم الوجه في ذلك، إذ لا ريب في زوال المعلول بزوال سببه من هذه الحيثية، ووجود سبب آخر لا دخل له في محل البحث.
وفي قواعد الشهيد أن: (في اعتبار العرف الخاص تردد، كاعتياد قوم قطع الثمرة قبل الانتهاء) (3). وليس في محله بعد العادة.
ولو كان اعتبار الاعتياد في موضوع للحكم بمعنى تعلق الخطاب من الشارع بلفظ وانصرف ذلك اللفظ إلى المعتاد، لا لأن العادة سبب في ذلك الحكم، بل العلة لا نعلمها، أو نعلم أنها غير العادة، لكن تعلق بموضوع شائع معتاد - كقول الشارع:
لا تسجدوا على مأكول وعلى ملبوس، أو في نفقة الزوجة (4) والأقارب والمملوك: