الثامن - له أيضا أن لفظه " خير " ليست التي بمعنى أفعل التفضيل، بل التي هي موضوعة لما فيه منفعة، ويكون معنى الكلام أن نية المؤمن من جملة الخير من أعماله، حتى لا يقدر مقدر أن النية لا يدخلها الخير والشر كما يدخل ذلك في الأعمال. وحكي عن بعض الوزراء استحسانه، لأنه لا يرد عليه شئ من الاعتراضات.
التاسع - له أيضا أن لفظة افعل التفضيل قد تكون مجردة عن الترجيح، كما في قوله تعالى " ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا " (1) وقول المتنبي: أبعد بعدت بياضا لا بياض له * لانت أسود في عيني من الظلم قال ابن جني: أراد انك أسود من جملة الظلم كما يقال: حر من أحرار ولئيم من لئام، فيكون الكلام قد تم عند قوله " لانت أسود "، ومثله قول الاخر:
وأبيض من ماء الحديد كأنه * شهاب بدا والليل داج عساكره كأنه يقول: وأبيض كائن من ماء الحديد. وقول الاخر:
يا ليتني مثلك في البياض * أبيض من أخت بنى اباض أي ابيض من جملة أخت بني اباض ومن عشيرتها.
فان قلت: فقضية هذا الكلام أن يكون في قوة قوله: النية من جملة عمله، والنية من أفعال القلوب فكيف يكون عملا، لأنه يختص بالعلاج.
قلت: جاز أن يسمى عملا كما جاز أن يسمى فعلا، أو يكون اطلاق العمل عليه مجازا.