صياد بعد كبره، فروي أنه تاب من ذلك القول ومات بالمدينة، وأنهم لما أرادوا الصلاة عليه كشفوا وجهه حتى يراه الناس وقيل لهم اشهدوا. وقال النووي قال العلماء: قصة ابن صياد مشكلة وأمره مشتبه، ولكن لا شك أنه دجال من الدجاجلة، والظاهر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يوح إليه في أمره بشئ، وإنما أوحى إليه بصفات الدجال، وكان في ابن صياد قرائن محتملة، فلذلك كان صلى الله عليه وآله وسلم لا يقطع في أمره بشئ انتهى. وقد أخرج أبو نعيم الأصبهاني في تاريخ أصبهان ما يؤيد كون ابن صياد هو الدجال عن حسان بن عبد الرحمن عن أبيه قال: لما افتتحنا أصبهان كان بين عسكرنا وبين اليهود فرسخ فكنا نأتيها فنمتار منها، فأتينا يوما فإذا اليهود يزفنون، فسألت صديقا لي منهم فقال: هذا ملكنا الذي نستفتح به العرب ، فدخلت فبت على سطح فصليت الغداة فلما طلعت الشمس إذ الوهج من قبل العسكر فنظرت فإذا هو ابن صياد فدخل المدينة فلم يعد حتى الساعة. قال الحافظ في الفتح بعد أن ساق هذه القصة: وعبد الرحمن بن حسان ما عرفته والباقون ثقات. وقد أخرج أبو داود بسند صحيح عن جابر قال: فقدنا ابن صياد يوم الحرة وفتح أصبهان كان في خلافة عمر، كما أخرجه أبو نعيم في تاريخها. وقد أخرج الطبراني في الأوسط من حديث فاطمة بنت قيس مرفوعا: أن الدجال يخرج من أصبهان.
وأخرجه أيضا من حديث عمران بن حصين، وأخرجه أيضا بسند صحيح كما قال الحافظ من حديث أنس لكن عنده من يهودية أصبهان، قال أبو نعيم: وإنما سميت يهودية أصبهان لأنها كانت تختص بسكنى اليهود. قال الحافظ في الفتح: وأقرب ما يجمع بين ما تضمنه حديث تميم وكون ابن صياد هو الدجال أن الدجال بعينه هو الذي شاهده تميم موثقا، وأن ابن صياد هو سلطان تبدى في صورة الدجال في تلك المدة إلى أن توجه إلى أصبهان فاستتر مع قرينه إلى أن تجئ المدة التي قدر الله تعالى خروجه فيها. وقصة تميم السابقة قد توهم بعضهم من عدم إخراج البخاري لها أنها غريبة وهو وهم فاسد، وهي ثابتة عند أبي داود من حديث أبي هريرة، وعند ابن ماجة عن فاطمة بنت قيس. وأخرجها أبو يعلى عن أبي هريرة من وجه آخر. وأخرجها أبو داود بسند حسن من حديث جابر وغير ذلك، وفي هذا المقدار كفاية.
وإنما تكلمنا على قصة ابن صياد مع كون المقام ليس مقام الكلام عليها، لأنها