بن مرداس: أما أنا وبنو سليم فلا، فقالت بنو سليم: بلى ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من تمسك منكم بحقه فله بكل إنسان ست فرائض من أول فئ نصيبه، فردوا إلى الناس نساءهم وأبناءهم. قال ابن بطال: في الحديث مشروعية إقامة العرفاء، لأن الامام لا يمكنه أن يباشر جميع الأمور بنفسه، فيحتاج إلى إقامة من يعاونه ليكفيه ما يقيمه فيه. قال:
والأمر والنهي إذا توجه إلى الجميع يقع التواكل فيه من بعضهم فربما وقع التفريط، فإذا أقام على كل قوم عريفا لم يسع كل أحد إلا الانقياد بما أمر به. وفيه أن الخبر الوارد في ذم العرفاء لا يمنع إقامة العرفاء، لأنه محمول إن ثبت على أن الغالب على العرفاء الاستطالة ومجاوزة الحد وترك الانصاف المفضي إلى الوقوع في المعصية. والحديث في ذم العرفاء أخرجه أبو داود من طريق المقدام بن معد يكرب رفعه: العرافة حق ولا بد للناس من عريف والعرفاء في النار ولأحمد وصححه ابن خزيمة من طريق عباد بن علي عن أبي حازم عن أبي هريرة رفعه: ويل للأمراء ويل للعرفاء قال الطيبي: قوله والعرفاء في النار ظاهر أقيم مقام الضمير يشعر بأن العرافة على خطر، ومن باشرها غير آمن الوقوع في المحظور المفضي إلى العذاب فهو كقوله تعالى: * (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا) * (النساء: 10). فينبغي للعاقل أن يكون على حذر منها لئلا يتورط فيما يؤديه إلى النار. قال الحافظ: ويؤيد هذا التأويل الحديث الآخر حيث توعد الامراء بما توعد به العرفاء، فدل على أن المراد بذلك الإشارة إلى أن كل من يدخل في ذلك لا يسلم، فإن الكل على خطر والاستثناء مقدر في الجميع. ومعنى العرافة حق أن أصل نصبهم حق، فإن المصلحة مقتضية لما يحتاج إليه الأمير من المعاونة على ما لا يتعاطاه بنفسه. ويكفي في الاستدلال لذلك وجودهم في العهد النبوي كما دل عليه حديث الباب. قوله: بني المصطلق قد تقدم ضبطه وتفسيره في باب الدعوة قبل القتال. قوله: وقعت جويرية بالجيم مصغرا بنت الحرث بن أبي ضرار بن الحرث بن مالك بن المصطلق وكان أبوها سيد قومه وقد أسلم بعد ذلك. قوله: ملاحة بضم الميم وتشديد اللام بعدها حاء مهملة أي مليحة، وقيل شديدة الملاحة وجمعه ملاح وأملاح وملاحون بتخفيف اللام وملاحون بتشديدها، ذكر معنى ذلك في القاموس. وقد استدل المصنف رحمه الله