عشرة بل من مائة، وهذا الذي ارتضاه هو الاحتمال الأول الذي ذكره النووي. وقيل:
إن المثلية هي أن جزاء هذه الحسنة من جنس البناء لا من غيره مع قطع النظر عن غير ذلك، مع أن التفاوت حاصل قطعا بالنسبة إلى ضيق الدنيا وسعة الجنة. قال في المفهم:
هذا البيت والله أعلم مثل بيت خديجة الذي قال فيه إنه من قصب، يريد أنه من قصب الزمرد والياقوت انتهى.
وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة لبيضها بنى الله له بيتا في الجنة رواه أحمد. الكلام على الحديث تخريجا وتفسيرا قد قدمناه في شرح الذي قبله.
باب الاقتصاد في بناء المساجد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما أمرت بتشييد المساجد قال ابن عباس: لتزخرفها كما زخرفت اليهود والنصارى. أخرجه أبو داود.
الحديث صححه ابن حبان ورجاله رجال الصحيح، لأن أبا داود رواه عن سفيان بن عيينة عن سفيان الثوري عن أبي فزارة وهو راشد بن كيسان الكوفي، وقد أخرج له مسلم عن يزيد بن الأصم هو العامري التابعي، أخرج له مسلم أيضا عن ابن عباس، وقد أخرج البخاري في صحيحه قول ابن عباس المذكور تعليقا، وإنما لم يذكر البخاري المرفوع للاختلاف على يزيد بن الأصم في وصله وإرساله قاله الحافظ. قوله: ما أمرت بضم الهمزة وكسر الميم مبني للمفعول. قوله: بتشييد المساجد قال البغوي في شرح السنة: التشييد رفع البناء وتطويله ومنه قوله تعالى: * (بروج مشيدة) * (النساء: 78) وهي التي طول بناؤها، يقال: شدت الشئ أشيده مثل بعته أبيعه إذا بنيته بالشيد وهو الجص، وشيدته تشييدا طولته ورفعته. وقيل: المراد بالبروج المشيدة المجصصة، قال ابن رسلان: والمشهور في الحديث أن المراد بتشييد المساجد هنا رفع البناء وتطويله كما قال البغوي، وفيه رد على من حمل قوله تعالى: * (في بيوت أذن الله أن ترفع) * (النور: 36) على رفع بنائها وهو الحقيقة، بل المراد أن تعظم فلا يذكر فيها الخنى من الأقوال وتطييبها من الأدناس والأنجاس ولا ترفع فيها الأصوات انتهى. قوله: قال ابن عباس هكذا رواه ابن حبان موقوفا، وقبله حديث ابن عباس أيضا مرفوعا، وظن