أن افتتاح الصلاة لا يكون إلا بالتكبير دون غيره من الأذكار، وإليه ذهب الجمهور. وقال أبو حنيفة: تنعقد الصلاة بكل لفظ قصد به التعظيم والحديث يرد عليه، لأن الإضافة في قوله تحريمها تقتضي الحصر فكأنه قال: جميع تحريمها التكبير أي انحصرت صحة تحريمها في التكبير لا تحريم لها غيره كقولهم: مال فلان الإبل، وعلم فلان النحو. (وفي الباب) أحاديث كثيرة تدل على تعين لفظ التكبير من قوله صلى الله عليه وآله وسلم وفعله. وعلى هذا فالحديث يدل على وجوب التكبير، وقد اختلف في حكمه، فقال الحافظ: إنه ركن عند الجمهور، وشرط عند الحنفية، ووجه عند الشافعي، وسنة عند الزهري.
قال ابن المنذر: ولم يقبه أحد غيره، وروي عن سعيد بن المسيب والأوزاعي ومالك ولم يثبت عن أحد منهم تصريحا، وإنما قالوا فيمن أدرك الامام راكعا يجزيه تكبيرة الركوع. قال الحافظ: نعم نقله الكرخي من الحنفية عن ابن علية وأبي بكر الأصم ومخالفتهما للجمهور كثيرة. وذهب إلى الوجوب جماعة من السلف، قال في البحر: إنه فرض إلا عن نفاة الأذكار والزهري، ويدل على وجوبه ما في حديث المسئ عند مسلم وغيره من حديث أبي هريرة بلفظ: فإذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر. وعند الجماعة من حديثه بلفظ: إذا قمت إلى الصلاة فكبر وقد تقرر أن حديث المسئ هو المرجع في معرفة واجبات الصلاة، وأن كل ما هو مذكور فيه واجب، وما خرج عنه وقامت عليه أدلة تدل على وجوبه ففيه خلاف سنذكره إن شاء الله في شرحه في الموضع الذي سيذكره فيه المصنف. ويدل للشرطية حديث رفاعة في قصة المسئ صلاته عند أبي داود بلفظ: لا تتم صلاة أحد من الناس حتى يتوضأ فيضع الوضوء مواضعه ثم يكبر. ورواه الطبراني بلفظ: ثم يقول الله أكبر والاستدلال بهذا على الشرطية صحيح إن كان نفي التمام يستلزم نفي الصحة وهو الظاهر، لأنا متعبدون بصلاة لا نقصان فيها، فالناقصة غير صحيحة، ومن ادعى صحتها فعليه البيان، وقد جعل صاحب ضوء النهار نفي التمام هنا هو نفي الكمال بعينه، واستدل على ذلك بقوله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث المسئ: فإن انتقصت من ذلك شيئا فقد انتقصت من صلاتك وأنت خبير بأن هذا من محل النزاع أيضا لأنا نقول: الانتقاص يستلزم عدم الصحة لذلك الدليل الذي أسلفناه، ولا نسلم أن ترك مندوبات الصلاة ومسنوناتها انتقاص منها لأنها أمور خارجة عن ماهية الصلاة فلا يرد الالزام بها، وكونها تزيد في الثواب