حديث أبي هريرة أخرجه أيضا أبو يعلى والبزار، وفيه جرير بن أيوب البجلي وهو متروك، لكنه أخرجه بهذا اللفظ البزار والطبراني في الكبير والأوسط من حديث عمار بن ياسر، قال في مجمع الزوائد: ورجال البزار ثقات. قوله: ابن أم عبد هو عبد الله بن مسعود، وقد روي أنه لم يحفظ القرآن جميعا في عصره صلى الله عليه وآله وسلم إلا هؤلاء الأربعة. والمصنف رحمه الله عقد هذا الباب للرد على من يقول إنها لا تجزئ في الصلاة إلا قراءة السبعة القراء المشهورين، قالوا: لأن ما نقل آحاديا ليس بقرآن، ولم تتواتر إلا السبع دون غيرها، فلا قرآن إلا ما اشتملت عليه، وقد رد هذا الاشتراط إمام القراءات الجزري فقال في النشر: زعم بعض المتأخرين أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر ولا يخفى ما فيه، لأنا إذا اشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف انتفى كثير من أحرف الخلاف الثابتة عن هؤلاء السبعة وغيرهم، وقال: ولقد كنت أجنح إلى هذا القول ثم ظهر فساده وموافقة أئمة السلف والخلف على خلافه، وقال: القراءة المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ، غير أن هؤلاء السبعة لشهرتهم وكثرة الصحيح المجمع عليه في قراءتهم تركن النفس إلى ما نقل عنهم فوق ما نقل عن غيرهم اه. فانظر كيف جعل اشتراط التواتر قولا لبعض المتأخرين، وجعل قول أئمة السلف والخلف على خلافه. وقال أيضا في النشر: كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا وصح إسنادها فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها ولا يحل إنكارها، بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ووجب على الناس قبولها، سواء كانت عن الأئمة السبعة أم عن العشرة أم غيرهم من الأئمة عن المقبولين، ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة، سواء كانت عن السبعة أو عمن هو أكبر منهم، هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف، صرح بذلك المدني والمكي والمهدوي وأبو شامة، وهو مذهب السلف الذي لا يعرف من أحدهم خلافه، قال أبو شامة في المرشد الوجيز: لا ينبغي أن يغتر بكل قراءة تعزى إلى أحد هؤلاء السبعة ويطلق عليها لفظ الصحة وأنها نزلت هكذا، إلا إذا دخلت في تلك الضابطة، وحينئذ لا ينفرد مصنف عن غيره، ولا يختص ذلك بنقلها عنهم، بل إن نقلت عن غيرهم من القراء فذلك لا يخرجها عن الصحة، فإن الاعتماد على استجماع تلك الأوصاف لا على من تنسب إليه، إلى آخر كلام الجزري الذي حكاه عنه صاحب الاتقان. وقال أبو شامة: شاع على ألسنة جماعة من المقرئين
(٢٦٢)