عياض: والصواب جوازه لاشتماله على العمل ولقول الله تعالى: * (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) * (الأعراف: 180) انتهى. والمسألة مدونة في علم الكلام فلا نطيل فيها المقال. قوله: بطر الحق هو دفعه وإنكاره ترفعا وتجبرا قاله النووي. وفي القاموس: بطر الحق أن يتكبر عنده فلا يقبله. قوله: وغمص الناس هو بغين معجمة مفتوحة وصاد مهملة قبلها ميم ساكنة، وقال النووي في شرح مسلم: هو بالطاء المهملة في نسخ صحيح مسلم. قال القاضي عياض: لم نرو هذا الحديث عن جميع شيوخنا هنا وفي البخاري إلا بالطاء، ذكره أبو داود في مصنفه، وذكره أبو سعيد الترمذي وغيره. والغمط والغمص قال النووي بمعنى واحد وهو احتقار الناس. (والحديث) يدل على أن الكبر مانع من دخول الجنة، وإن بلغ في القلة إلى الغاية، ولهذا ورد التحديد بمثقال ذرة، وقد اختلف في تأويله فذكر الخطابي فيه وجهين:
أحدهما أن المراد التكبر عن الايمان فصاحبه لا يدخل الجنة أصلا إذا مات عليه. والثاني أنه لا يكون في قلبه كبر حال دخول الجنة كما قال الله تعالى: * (ونزعنا ما في صدورهم من غل) * (الأعراف: 43) قال النووي: وهذان التأويلان فيهما بعد، فإن الحديث ورد في سياق النهي عن الكبر المعروف وهو الارتفاع عن الناس واحتقارهم ودفع الحق، فلا ينبغي أن يحمل على هذين التأويلين المخرجين له عن المطلوب، بل الظاهر ما اختاره القاضي عياض وغيره من المحققين أنه لا يدخلها بدون مجازاة إن جازاه. وقيل: هذا جزاؤه لو جازاه، وقيل:
لا يدخلها مع المتقين أول وهلة، ويمكن أن يقال: إن هذا الحديث وما يشابهه من الأحاديث التي وردت مصرحا فيها بعدم دخول جماعة من العصاة الجنة، أو عدم خروج جماعة منهم من النار خاصة. وأحاديث دخول جميع الموحدين الجنة وخروج عصاتهم من النار عامة، فلا حاجة على هذا إلى التأويل. (والحديث). أيضا يدل على أن محبة لبس الثوب الحسن والنعل الحسن وتخير اللباس الجميل ليس من الكبر في شئ، وهذا مما لا خلاف فيه فيما أعلم، والرجل المذكور في الحديث هو مالك بن مرارة الرهاوي، ذكر ذلك ابن عبد البر والقاضي عياض، وقد جمع الحافظ ابن بشكوال في اسمه أقوالا استوفاها النووي في شرح مسلم.
وعن سهل بن معاذ الجهني عن أبيه: عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: من ترك أن يلبس صالح الثياب وهو يقدر عليه تواضع لله عز وجل دعاه الله