حاصله: أن من قدم يديه أو قدم ركبتيه وأفرط في ذلك بمباعدة سائر أطرافه وقع في الهيئة المنكرة، ومن قارب بين أطرافه لم يقع فيها، سواء قدم اليدين أو الركبتين وهو مع كونه جمعا لم يسبقه إليه أحد تعطيل لمعاني الأحاديث وإخراج لها عن ظاهرها، ومصير إلى ما لم يدل عليه دليل. ومثل هذا ما روى البعض عن مالك من جواز الامرين ولكن المشهور عنه ما تقدم.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه ثم ركبتيه رواه أحمد وأبو داود والنسائي وقال الخطابي: حديث وائل بن حجر أثبت من هذا.
الحديث أخرجه الترمذي وقال: غريب لا نعرفه من حديث أبي الزناد إلا من هذا الوجه اه. وقال البخاري: إن محمد بن عبد الله بن حسن بن علي بن أبي طالب لا يتابع عليه وقال: لا أدري سمع من أبي الزناد أو لا. وقال الدارقطني: تفرد به الدراوردي عن محمد بن عبد الله المذكور. قال المنذري: وفيما قال الدارقطني نظر، فقد روى نحوه عبد الله بن نافع عن محمد بن عبد الله، وأخرجه أبو داود والترمذي والنسائي من حديثه، وقال أبو بكر بن أبي داود السجستاني: هذه سنة تفرد بها أهل المدينة ولهم فيها إسناد أن هذا أحدهما، والآخر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد قدمنا أنه أخرج حديث ابن عمر هذا الدارقطني والحاكم وابن خزيمة وصححه، وقد أعله الدارقطني بتفرد الدراوردي أيضا عن عبيد الله بن عمر، وقال في موضع آخر: تفرد به أصبغ بن الفرج عن الدراوردي اه. ولا ضير في تفرد الدراوردي فإنه قد أخرج له مسلم في صحيحه واحتج به، وأخرج له البخاري مقرونا بعبد العزيز بن أبي حازم، وكذلك تفرد أصبغ فإنه قد حدث عنه البخاري في صحيحه محتجا به. (والحديث) استدل به القائلون بوضع اليدين قبل الركبتين، وقد تقدم الكلام على ذلك مستوفى. قوله: وليضع يديه ثم ركبتيه هو في سنن أبي داود وغيرها بلفظ: قبل ركبتيه ولعل ما ذكره المصنف لفظ أحمد.
وعن عبد الله ابن بحينة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سجد يجنح في سجوده حتى يرى وضح إبطيه متفق عليه.
قوله: يجنح بضم الياء المثناة من تحت وفتح الجيم وكسر النون المشددة وروي فرج. وروي خوى وكلها بمعنى واحد. والمراد أنه نحى كل يد عن الجنب الذي يليها.