الواردة بالتسليمة الواحدة، فإنها مع قلتها ضعيفة لا تنتهض للاحتجاج كما ستعرف ذلك، ولو سلم انتهاضها لم تصلح لمعارضة أحاديث التسليمتين لما عرفت من اشتمالها على الزيادة.
وأما القول بمشروعية ثلاث فلعل القائل به ظن أن التسليمة الواحدة الواردة في الباب الذي سيأتي غير التسليمتين المذكورتين في هذا الباب، فجمع بين الأحاديث بمشروعية الثلاث وهو فاسد. وأفسد منه ما رواه في البحر عن البعض من أن المشروع واحدة في المسجد الصغير وثنتان في المسجد الكبير. قوله: عن يمينه وعن يساره فيه مشروعية أن يكون التسليم إلى جهة اليمين ثم إلى جهة اليسار. قال النووي: ولو سلم التسليمتين عن يمينه أو عن يساره أو تلقاء وجهه، أو الأولى عن يساره والثانية عن يمينه صحت صلاته وحصلت التسليمتان ولكن فاتته الفضيلة في كيفيتهما. قوله: السلام عليكم ورحمة الله زاد أبو داود من حديث وائل: وبركاته. وأخرجها أيضا ابن حبان في صحيحه من حديث ابن مسعود، وكذلك ابن ماجة من حديثه، قال الحافظ في التلخيص: فيتعجب من ابن الصلاح حيث يقول: إن هذه الزيادة ليست في شئ من كتب الحديث إلا في رواية وائل بن حجر، وقد ذكر لها الحافظ طرقا كثيرة في تلقيح الأفكار تخريج الأذكار لما قال النووي أن زيادة وبركاته رواية فردة. ثم قال الحافظ بعد أن ساق تلك الطرق:
فهذه عدة طرق تثبت بها وبركاته، بخلاف ما يوهمه كلام الشيخ أنها رواية فردة انتهى.
وقد صحح أيضا في بلوغ المرام حديث وائل المشتمل على تلك الزيادة. قوله: حتى يرى بياض خده بضم الياء المثناة من تحت من قوله يرى مبنيا للمجهول، كذا قال ابن رسلان، وبياض بالرفع على النيابة. وفيه دليل على المبالغة في الالتفات إلى جهة اليمين وإلى جهة اليسار، وزاد النسائي فقال: عن يمينه حتى يرى بياض خده الأيمن وعن يساره حتى يرى بياض خده الأيسر. وفي رواية له: حتى يرى بياض خده من ههنا وبياض خده من ههنا.
وعن جابر بن سمرة قال: إذا كنا صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قلنا: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، وأشار بيده إلى الجانبين، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: علام تومؤن بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس؟ إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه يسلم على أخيه من على يمينه وشماله رواه أحمد ومسلم. وفي رواية: كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ما بال هؤلاء