لا كراهة في لبس السواد. وقد أخرج أبو داود والنسائي من حديث عائشة قالت:
صبغت للنبي (ص) بردة سوداء فلبسها فلما عرق فيها وجد ريح الصوف فقذفها، قال: وأحسبه قال وكان يعجبه الريح الطيبة.
وعن أم خالد قالت: أتي النبي (ص) بثياب فيها خميصة سوداء فقال: من ترون نكسو هذه الخميصة؟ فأسكت القوم، فقال: ائتوني بأم خالد، فأتي إلى النبي (ص) فألبسنيها بيده وقال: أبلي وأخلقي مرتين، وجعل ينظر إلى علم الخميصة ويشير بيده إلي ويقول: يا أم خالد هذا سنا يا أم خالد هذا سنا والسنا بلسان الحبشة الحسن رواه البخاري.
قوله: خميصة بفتح المعجمة وكسر الميم وبالصاد المهملة كساء مربع له علمان.
قوله: نكسو هذه بالنون للمتكلم. قوله: فأسكت القوم بضم الهمزة على البناء للمجهول. قوله: أبلي وأخلقي هذا من باب التفاؤل والدعاء لللابس بأن يعمر ويلبس ذلك الثوب حتى يبلى ويصير خلقا، وفيه أنه يستحب أن يقال لمن لبس ثوبا جديدا كذلك، وأخرج ابن ماجة عن ابن عمر: أن رسول الله (ص) رأى على عمر قميصا أبيض فقال: البس جديدا أو عش حميدا ومت شهيدا وأخرج أبو داود وسعيد بن منصور من حديث أبي نضرة قال: كان أصحاب النبي (ص) إذا لبس أحدهم ثوبا جديدا قيل له: تبلى ويخلف الله تعالى وسنده صحيح.
قوله: هذا سنا بفتح السين المهملة وتشديد النون وفيه جواز التكلم باللغة العجمية ومعناه حسن. (والحديث) يدل على أنه يجوز للنساء لباس الثياب السود، ولا أعلم في ذلك خلافا.
وعن ابن عمر: أنه كان يصبغ ثيابه ويدهن بالزعفران فقيل له: لم تصبغ ثيابك وتدهن بالزعفران؟ فقال: إني رأيته أحب الاصباغ إلى رسول الله (ص) يدهن به ويصبغ به ثيابه رواه أحمد، وكذلك أبو داود والنسائي بنحوه وفي لفظهما:
ولقد كان يصبغ ثيابه كلها حتى عمامته.
الحديث في إسناده اختلاف كما قال المنذري، ولم يذكر أبو داود والنسائي الزعفران، وأخرج البخاري ومسلم من حديث عبيد بن جريج عن ابن عمر أنه قال: وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله (ص) يصبغ بها فإني أحب أن أصبغ بها. قال