البيوت وطن النوم فقط لا تصلون فيها فإن النوم أخو الموت والميت لا يصلي. وقيل: يحتمل أن يكون المراد أن من لم يصل في بيته جعل نفسه كالميت وبيته كالقبر. ويؤيد ما رواه مسلم:
مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه كمثل الحي والميت قال الخطابي: وأما من تأوله على النهي عن دفن الموتى في البيوت فليس بشئ، فقد دفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بيته الذي كان يسكنه أيام حياته، وتعقبه الكرماني بأن قال:
لعل ذلك من خصائصه. وقد روي أن الأنبياء يدفنون حيث يموتون، كما روى ذلك ابن ماجة بإسناد فيه حسين بن عبد الله الهاشمي وهو ضعيف وله طريق أخرى مرسلة. قال الحافظ:
فإذا حمل دفنه في بيته على الاختصاص لم يبعد نهي غيره عن ذلك بل هو متجه، لان استمرار الدفن في البيوت ربما صيرها مقابر فتصير الصلاة فيها مكروهة. ولفظ أبي هريرة عند مسلم أصرح من حديث الباب وهو. قوله: لا تجعلوا بيوتكم مقابر فإن ظاهره يقتضي النهي عن الدفن في البيوت مطلقا انتهى. وكأن البخاري أشار بترجمة الباب بقوله: باب كراهة الصلاة في المقابر إلى حديث أبي سعيد المتقدم لما لم يكن على شرطه.
وعن جندب بن عبد الله البجلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول: إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك رواه مسلم.
الحديث أخرجه النسائي أيضا. وفي الباب عن عائشة عند الشيخين والنسائي، وعن أبي هريرة عند الشيخين وأبي داود والنسائي، وعن ابن عباس عند أبي داود والترمذي وحسنه، وله حديث آخر عند الشيخين والنسائي، وعن أسامة بن زيد عند أحمد والطبراني بإسناد جيد، وعن زيد بن ثابت عند الطبراني بإسناد جيد أيضا، وعن ابن مسعود عند الطبراني بإسناد جيد أيضا، وعن أبي عبيدة بن الجراح عند البزار، وعن علي عند البزار أيضا، وعن أبي سعيد عند البزار أيضا، وفي إسناده عمر بن صهبان وهو ضعيف، وعن جابر عند ابن عدي. (والحديث) يدل على تحريم اتخاذ قبور الأنبياء والصلحاء مساجد، قال العلماء:
إنما نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن اتخاذ قبره وقبر غيره مسجدا خوفا من المبالغة في تعظيمه والافتتان به وربما أدى ذلك إلى الكفر، كما جرى لكثير من الأمم الخالية، ولما احتاجت الصحابة رضي الله عنهم والتابعون إلى الزيادة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين كثر المسلمون وامتدت الزيادة إلى أن دخلت بيوت أمهات