ففيه تنبيه بالأدنى على الأعلى، وبالطاهر عن النجس، والحسنات على قدر الأعمال. قال:
وسمعت من بعض المشايخ أنه ينبغي لمن أخرج قذاة من المسجد أو أذى من طريق المسلمين أن يقول عند أخذها: لا إله إلا الله ليجمع بين أدنى شعب الايمان وأعلاها وهي كلمة التوحيد، وبين الأفعال والأقوال، وإن اجتمع القلب مع اللسان كان ذلك أكمل انتهى.
إلا أنه لا يخفى أن الأحكام الشرعية تحتاج إلى دليل، وقوله ينبغي حكم شرعي. قوله:
فلم أر ذنبا أعظم قال شارح المصابيح: أي من سائر الذنوب الصغائر، لأن نسيان القرآن من الحفظ ليس بذنب كبير إن لم يكن من استخفافه وقلة تعظيمه للقرآن، وإنما قال صلى الله عليه وآله وسلم هذا التشديد العظيم تحريضا منه على مراعاة حفظ القرآن انتهى.
والتقييد بالصغائر يحتاج إلى دليل. وقيل: المراد بقوله نسيها ترك العمل بها. ومنه قوله تعالى:
* (نسوا الله فنسيهم) * (الحشر: 19) وهو مجاز لا يصار إليه إلا لموجب.
وعن عائشة قالت: أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ببناء المساجد في الدور وأن تنظف وتطيب رواه الخمسة إلا النسائي. وعن سمرة بن جندب قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نتخذ المساجد في ديارنا وأمرنا أن ننظفها رواه أحمد والترمذي وصححه، ورواه أبو داود ولفظه: كان يأمرنا بالمساجد أن نصنعها في ديارنا ونصلح صنعتها ونطهرها.
الحديث الأول أخرجه الترمذي مسندا ومرسلا. وقال: المرسل أصح، ولكنه رواه غير مسند بإسناد رجاله ثقات، فرواه أبو داود عن حسين بن علي بن الأسود العجلي، قال أبو حاتم: صدوق عن زائدة بن قدامة أو ابن بسيط وهما ثقتان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا، والحديث الثاني رواه أحمد بإسناد صحيح. وكذا رواه غيره بأسانيد جيدة. قوله: في الدور قال البغوي في شرح السنة: يريد المحال التي فيها الدور، ومنه قوله تعالى: * (سأريكم دار الفاسقين) * (الأعراف: 145) لأنهم كانوا يسمون المحلة التي اجتمعت فيها قبيلة دارا، ومنه الحديث: ما بقيت دار إلا بني فيها مسجد قال سفيان: بناء المساجد في الدور يعني القبائل أي من العرب يتصل بعضها ببعض وهم بنو أب واحد، يبنى لكل قبيلة مسجد، هذا ظاهر معنى تفسير سفيان الدور. قال أهل اللغة: الأصل في إطلاق الدور على المواضع، وقد تطلق على القبائل مجازا. قال بعض المحدثين: والبساتين في معنى الدور، وعلى هذا فيستحب بناء المسجد من حجر أو لبن أو مدر أو خشب وغير ذلك، في كل محلة يحلها المقيمون