من غلبة الدين. وفي البخاري: أنه قال له صلى الله عليه وآله وسلم قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم؟ فقال: أن الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف.
باب جامع أدعية منصوص عليها في الصلاة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم متفق عليه.
قوله: ظلمت نفسي قال في الفتح: أي بملابسة ما يوجب العقوبة أو ينقص الحظ، وفيه أن الانسان لا يعرى عن تقصير ولو كان صديقا. قوله: كثيرا روي بالثاء المثلثة وبالباء الموحدة. قال النووي: ينبغي أن يجمع بينهما فيقول كثيرا كبيرا.
قال الشيخ عز الدين بن جماعة: ينبغي أن يجمع بين الروايتين، فيأتي مرة بالمثلثة ومرة بالموحدة، فإذا أتى بالدعاء مرتين فقد نطق بما نطق به النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيقين، وإذا أتى بما ذكره النووي لم يكن آتيا بالسنة، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم ينطق به كذلك اه. قوله: ولا يغفر الذنوب إلا أنت قال الحافظ: فيه إقرار بالوحدانية واستجلاب للمغفرة وهو كقوله: * (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله) * (آل عمران: 135) فأثنى على المستغفرين، وفي ضمن ثنائه بالاستغفار لوح بالأمرية، كما قيل إن كل شئ أثنى الله على فاعله فهو آمر به، وكل شئ ذم فاعله فهو ناه عنه. قوله: مغفرة من عندك قال الطيبي: ذكر التنكير يدل على أن المطلوب غفران عظيم لا يدرك كنهه ووصفه بكونه من عنده سبحانه وتعالى، مريدا بذلك التعظيم، لأن الذي يكون من عند الله لا يحيط به وصف. وقال ابن دقيق العيد يحتمل وجهين: أحدهما الإشارة إلى التوحيد المذكور كأنه قال: لا يفعل هذا إلا أنت فافعله أنت. والثاني وهو أحسن أنه أشار إلى طلب مغفرة متفضل بها لا يقتضيها سبب من العبد من عمل حسن ولا غيره، وبهذا الثاني جزم ابن الجوزي. قوله: إنك أنت الغفور الرحيم قال الحافظ: هما صفتان ذكرتا ختما للكلام على جهة المقابلة لما تقدم، فالغفور مقابل. لقوله:
اغفر لي. والرحيم مقابل لقوله: ارحمني وهي مقابلة مرتبة. (والحديث) يدل