وحديث زيد على تحريم سائر الكلام. ومنها ترجيح حديث ابن مسعود والمصير إليه لأنه حكي فيه حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ذلك ابن سريج والقاضي أبو الطيب. ومنها أن زيد بن أرقم أراد بقوله: كنا نتكلم في الصلاة الحكاية عمن كان يفعل ذلك في مكة، كما يقول القائل: فعلنا كذا وهو يريد بعض قومه، ذكر معنى ذلك ابن حبان وهو بعيد.
وعن ابن مسعود قال: كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو في الصلاة فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا فقلنا: يا رسول الله كنا نسلم عليك في الصلاة فترد علينا فقال: إن في الصلاة لشغلا متفق عليه. وفي رواية: كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ كنا بمكة قبل أن نأتي أرض الحبشة، فلما قدمنا من أرض الحبشة أتيناه فسلمنا عليه فلم يرد، فأخذني ما قرب وما بعد حتى قضوا الصلاة فسألته فقال: إن الله يحدث من أمره ما يشاء، وأنه قد أحدث من أمره أن لا نتكلم في الصلاة رواه أحمد والنسائي.
الرواية الثانية أخرجها أيضا أبو داود وابن حبان في صحيحه. قوله: فلم يرد هو يرد على من قال: بجواز رد السلام في الصلاة لفظا وهم أبو هريرة وجابر والحسن وسعيد بن المسيب وقتادة. قوله: لشغلا ههنا صفة محذوفة والتقدير لشغلا كافيا عن غيره من الكلام أو مانعا من الكلام. قوله: ما قرب وما بعد لفظ أبي داود وابن حبان ما قدم وما حدث، والمراد من هذا اللفظ ولفظ الكتاب اتصال الآخران البعيدة أو المتقدمة بالقريبة أو الحادثة لسبب تركه صلى الله عليه وآله وسلم لرد السلام عليه. قوله: أن لا نتكلم في الصلاة لفظ أبي داود وغيره أن لا تكلموا في الصلاة. وزاد: فرد علي السلام يعني بعد فراغه. (وقد استدل به) على أنه يستحب لمن سلم عليه في الصلاة أن لا يرد السلام إلا بعد فراغه من الصلاة، وروي هذا عن أبي ذر وعطاء والنخعي والثوري.
قال ابن رسلان: ومذهب الشافعي والجمهور أن المستحب أن يرد السلام في الصلاة بالإشارة، واستدلوا بما أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه عن صهيب أنه قال: مررت برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يصلي فسلمت عليه فرد إشارة قال الراوي عنه: ولا أعلمه إلا قال: إشارة بأصبعه وسيأتي الكلام على هذا في باب الإشارة في الصلاة لرد السلام.
وعن معاوية بن الحكم السلمي قال: بينما أنا أصلي مع رسول الله صلى