قوله: إن هذه الصلاة يعني مطلق الصلاة فيشمل الفرائض وغيرها. قوله: لا يصلح فيها شئ من كلام الناس في الرواية الأخرى لا يحل. (استدل) بذلك على تحريم الكلام في الصلاة، سواء كان لحاجة أم لا، وسواء كان لمصلحة الصلاة أو غيرها، فإن احتاج إلى تنبيه أو إذن لداخل سبح الرجل وصفقت المرأة، وهذا مذهب الجمهور من أهل البيت وغيرهم من السلف والخلف. وقالت طائفة منهم الأوزاعي: إنه يجوز الكلام لمصلحة الصلاة واستدلوا بحديث ذي اليدين. وكلام الناس المذكور في الحديث اسم مصدر يراد به تارة ما يتكلم به على أنه مصدر بمعنى المفعول، وتارة يراد به التكليم للغير وهو الخطاب للناس، والظاهر أن المراد به ههنا الثاني بشهادة السبب. قوله: إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن هذا الحصر يدل بمفهومه على منع التكلم في الصلاة بغير الثلاثة، وقد تمسكت به الطائفة القائلة بمنع الدعاء في الصلاة بغير ألفاظ القرآن من الحنفية والهادوية، ويجاب عنهم بأن الأحاديث المثبتة لأدعية وأذكار مخصوصة في الصلاة مخصصة لعموم هذا المفهوم، وبناء العام على الخاص متعين، لا سيما بعدما تقرر أن تحريم الكلام كان بمكة كما قدمنا، وأكثر الأدعية والأذكار في الصلاة كانت بالمدينة، وقد خصصوا هذا المفهوم بالتشهد، فما وجه امتناعهم من التخصيص بغيره؟ وهذا واضح لا يلتبس على من له أدنى نظر في العلم، ولكن المتعصب أعمى، وكم من حديث صحيح وسنة صريحة قد نصبوا هذا المفهوم العام في مقابلتها وجعلوه معارضا لها وردوها به، وغفلوا عن بطلان معارضة العام بالخاص، وعن رجحان المنطوق على المفهوم إن سلم التعارض. (قال المصنف) رحمه الله بعد أن ساق الحديث: وفيه دليل على أن التكبير من الصلاة وأن القراءة فرض، وكذلك التسبيح والتحميد، وأن تشميت العاطس من الكلام المبطل، وأن من فعله جاهلا لم تبطل صلاته حيث لم يأمره بالإعادة انتهى.
باب أن من دعا في صلاته بما لا يجوز جاهلا لم تبطل عن أبي هريرة قال: قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الصلاة وقمنا معه، فقال أعرابي وهو في الصلاة: اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا، فلما سلم