في الحديث بمنع ما يجب إخراجه من المال شرعا أو عادة ولا وجه له، لأن البخل بما ليس بواجب من غرائز النقص المضادة للكمال، فالتعوذ منها حسن بلا شك، فالأولى تبقية الحديث على عمومه وترك التعرض لتقييده بما لا دليل عليه. قوله: والجبن بضم الجيم وسكون الباء وتضم المهابة للأشياء والتأخر عن فعلها، وإنما تعوذ منه صلى الله عليه وآله وسلم لأنه يؤدي إلى عدم الوفاء بفرض الجهاد والصدع بالحق وإنكار المنكر، ويجر إلى الاخلال بكثير من الواجبات. قوله: إلى أرذل العمر هو البلوغ إلى حد في الهرم يعود معه كالطفل في سخف العقل وقلة الفهم وضعف القوة. قوله: من فتنة الدنيا هي بالاغترار بشهواتها المفضي إلى ترك القيام بالواجبات، وقد تقدم الكلام على ذلك في شرح حديث التعوذ من الأربع، لأن فتنة الدنيا هي فتنة المحيا. قوله: من عذاب القبر قد تقدم شرحه في شرح حديث التعوذ من الأربع أيضا، وإنما خص صلى الله عليه وآله وسلم هذه المذكورات بالتعوذ منها، لأنها من أعظم الأسباب المؤدية إلى الهلاك باعتبار ما يتسبب عنها من المعاصي المتنوعة.
وعن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: إذا صلى الصبح حين يسلم اللهم إني أسألك علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا رواه أحمد وابن ماجة.
الحديث أخرجه أيضا ابن أبي شيبة، عن شبابة، عن شعبة، عن موسى بن أبي عائشة، عن مولى لام سلمة، عن أم سلمة. ورواه ابن ماجة في سننه عن أبي بكر بن أبي شيبة بهذا الاسناد ورجاله ثقات لولا جهالة مولى أم سلمة، وإنما قيد العلم بالنافع والرزق بالطيب والعمل بالمتقبل، لأن كل علم لا ينفع، فليس من عمل الآخرة، وربما كان من ذرائع الشقاوة، ولهذا كان صلى الله عليه وآله وسلم يتعوذ من علم لا ينفع. وكل رزق غير طيب موقع في ورطة العقاب، وكل عمر غير متقبل إتعاب للنفس في غير طائل. اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع، ورزق لا يطيب، وعمل لا يتقبل.
وعن أبي أمامة قال: قيل: يا رسول الله أي الدعاء أسمع؟ قال: جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات رواه الترمذي. الحديث حسنه الترمذي وهو من طريق محمد بن يحيى الثقفي المروزي عن حفص ابن غياث، عن ابن جريج، عن عبد الرحمن بن سابط، عن أبي أمامة عنه صلى الله عليه وآله وسلم، وفيه تصريح بأن جوف الليل ودبر الصلوات المكتوبات من أوقات الإجابة. وقد أخرج مسلم من