التعارض، وقد حكى بعضهم في التأكيد بكل خلافا هل يرفع المجاز أو يضعفه؟ والظاهر عدم الرفع لما في الصحيح من حديث عائشة: كان يصوم شعبان كله كان يصوم نصفه إلا قليلا والقول بأنه يرفع المجاز يستلزم عدم صحة وقوع الاستثناء بعد المؤكد كما صرح بذلك القائلون به، وللمقام بحث ليس هذا موضعه. ومما يدل على عدم الرفع الأحاديث الواردة في المنع من الصلاة في المقبرة والحمام وغيرهما وسيأتي ذكرها.
وعن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أي مسجد وضع أول؟ قال: المسجد الحرام، قلت: أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم بينهما؟
قال: أربعون سنة، قلت: ثم أي؟ قال: حيثما أدركت الصلاة فصل فكلها مسجد متفق عليه.
قوله: قال أربعون يعني في الحدوث لا في المسافة. قوله: حيثما أدركت لفظ مسلم وأينما أدركتك الصلاة فصلها فإنه مسجد. وفي لفظ له: ثم حيثما أدركتك وفي لفظ له أيضا: فحيثما أدركتك الصلاة فصل قال النووي: وفيه جواز الصلاة في جميع المواضع إلا ما استثناه الشرع من الصلاة في المقابر وغيرها من المواضع التي فيها النجاسة كالمزبلة والمجزرة، وكذا ما نهى عنه لمعنى آخر، فمن ذلك أعطان الإبل، ومنه قارعة الطريق والحمام وغيرهما، وسيأتي الكلام على ذلك مستوفى. قوله: فكلها هو تأكيد لما فهم من قوله: حيثما أدركت وهو الأرض أو أمكنتها.
وعن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام رواه الخمسة إلا النسائي.
الحديث أخرجه الشافعي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم، قال الترمذي: وهذا حديث فيه اضطراب، رواه سفيان الثوري عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرسلا. ورواه حماد بن سلمة عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد، ورواه محمد بن إسحاق عن عمرو بن يحيى عن أبيه قال: وكان عامة روايته عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يذكر فيه عن أبي سعيد، وكأن رواية الثوري عن عمرو بن يحيى عن أبيه أثبت وأصح انتهى. وقال الدارقطني في العلل: المرسل المحفوظ، ورجح البيهقي المرسل. وقال النووي: هو ضعيف. وقال صاحب الامام: حاصل