وبأن القضية كانت بعد قوله صلى الله عليه وآله وسلم: إن في الصلاة لشغلا لأن ذلك كان قبل الهجرة، وهذه القصة كانت بعد الهجرة بمدة مديدة قطعا قاله الحافظ. وقال القاضي عياض: إن ذلك كان من خصائصه، ورد بأن الأصل عدم الاختصاص. قال النووي بعد أن ذكر هذه التأويلات: وكل ذلك دعاوى باطلة مردودة لا دليل عليه، لأن الآدمي طاهر وما في جوفه معفو عنه، وثياب الأطفال وأجسادهم محمولة على الطهارة حتى تتبين النجاسة، والأعمال في الصلاة لا تبطلها إذا قلت أو تفرقت، ودلائل الشرع متظاهرة على ذلك، وإنما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك لبيا الجواز انتهى. قال الحافظ: وحمل أكثر أهل العلم هذا الحديث على أنه عمل غير متوال لوجود الطمأنينة في أركان الصلاة. ومن فوائد الحديث جواز إدخال الصبيان المساجد وسيأتي الكلام على ذلك، وأن مس الصغيرة لا ينتقض به الوضوء، والظاهر طهارة ثياب من لا يحترز من النجاسة كالأطفال. وقال ابن دقيق العيد: يحتمل أن يكون ذلك وقع حال التنظيف لأن حكايات الأحوال لا عموم لها.
وعن أبي هريرة قال: كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم العشاء، فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره، فإذا رفع رأسه أخذهما من خلفه أخذا رفيقا ويضعهما على الأرض، فإذا عاد عادا، حتى قضى صلاته، ثم أقعد أحدهما على فخذيه، قال: فقمت إليه فقلت: يا رسول الله أردهما؟ فبرقت برقة، فقال لهما: الحقا بأمكما، فمكث ضوءها حتى دخلا رواه أحمد.
الحديث أخرجه أيضا ابن عساكر، وفي إسناد أحمد كامل بن العلاء وفيه مقال معروف، وهو يدل على أن مثل هذا الفعل الذي وقع منه صلى الله عليه وآله وسلم غير مفسد للصلاة، وفيه التصريح بأن ذلك كان في الفريضة، وقد تقدم الكلام في شرح الحديث الذي قبل هذا، وفيه جواز إدخال الصبيان المساجد، وقد أخرج الطبراني من حديث معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: جنبوا مساجدكم صبيانكم وخصوماتكم وحدودكم وشراءكم وبيعكم وجمروها يوم جمعكم واجعلوا على أبوابها مطاهركم ولكن الراوي له عن معاذ مكحول وهو لم يسمع منه. وأخرج ابن ماجة من حديث واثلة بن الأسقع: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراءكم وبيعكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم وإقامة حدودكم