تقدم الكلام على ذلك وعلى جواز اتخاذه لغير الاصطياد. قوله: تحت نضد بفتح النون والضاد المعجمة فعل بمعنى مفعول، أي تحت متاع البيت المنضود بعضه فوق بعض.
وقيل: هو السرير سمي بذلك لأن النضد يوضع عليه أي يجعل بعضه فوق بعض، وفي حديث مسروق: شجر الجنة نضد من أصلها إلى فرعها، أي ليس لها سوق بارزة ولكنها منضودة بالورق والثمار من أسفلها إلى أعلاها. (الحديث) يدل على أنها لا تدخل الملائكة البيوت التي فيها تماثيل أو كلب، كما ورد من حديث أبي طلحة الأنصاري عند البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي بلفظ قال: قال رسول الله (ص):
لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا تماثيل زاد أبو داود والنسائي عن علي مرفوعا:
ولا جنب قيل: أراد بالملائكة السياحين غير الحفظة وملائكة الموت. قال في معالم السنن: الملائكة الذين ينزلون بالبركة والرحمة، وأما الحفظة فلا يفارقون الجنب وغيره.
قال النووي في شرح مسلم: سبب امتناع الملائكة من بيت فيه صورة كونها معصية فاحشة، وسبب امتناعهم من بيت فيه كلب كثرة أكله كله النجاسات ولان بعضها يسمى شيطانا كما جاء في الحديث، والملائكة ضد الشياطين، وخص الخطابي ذلك بما كان يحرم اقتناؤه من الكلاب، وبما لا يجوز تصويره من الصور لا كلب الصيد والماشية ولا الصورة التي في البساط والوسادة وغيرهما، فإن ذلك لا يمنع دخول الملائكة، والأظهر أنه عام في كل كلب وفي كل صورة، وأنهم يمتنعون من الجميع لاطلاق الأحاديث، ولان الجر والذي كان في بيت النبي (ص) تحت السرير كان له فيه عذر فإنه لم يعلم به، ومع هذا امتنع جبريل من دخول البيت لأجل ذلك الجرو.
وعن ابن عمر: أن رسول الله (ص) قال: الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم. وعن ابن عباس:
وجاءه رجل فقال: إني أصور هذه التصاوير فأفتني فيها، فقال: سمعت رسول الله (ص) يقول: كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفسا تعذبه في جهنم، فإن كنت لا بد فاعلا فاجعل الشجر وما لا نفس له متفق عليهما.
الحديثان يدلان على أن التصوير من أشد المحرمات للتوعد عليه بالتعذيب في النار، وبأن كل مصور من أهل النار، ولورود لعن المصورين في أحاديث أخر، وذلك لا يكون إلا على محرم متبالغ في القبح، وإنما كان التصوير من أشد المحرمات الموجبة لما ذكر، لأن فيه