صلاة من لم يقم صلبه فيهما، وهو الظاهر من أحاديث الباب لما قررناه غير مرة من أن النفي إن لم يمكن توجهه إلى الذات توجه إلى الصحة لأنها أقرب إليها. وقال أبو حنيفة وهو مروي عن مالك: أن الطمأنينة في الموضعين غير واجبة، بل لو انحط من الركوع إلى السجود، أو رفع رأسه عن الأرض أدنى رفع أجزأه ولو كحد السيف. (واحتج أبو حنيفة) بقوله تعالى: * (اركعوا واسجدوا) * (الحج: 77) وقد عرفناك في باب قراءة الفاتحة أن الفرض عنده لا يثبت بما يزيد على القرآن وبينا بطلانه هنالك، وسيأتي لهذا مزيد بيان في باب الجلسة بين السجدتين إن شاء الله.
باب هيئات السجود وكيف الهوي إليه عن وائل بن حجر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه رواه الخمسة إلا أحمد.
الحديث قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرف أحدا رواه غير شريك، وذكر أنهما ما رواه عن عاصم مرسلا، ولم يذكر وائل بن حجر، قال اليعمري: من شأن الترمذي التصحيح بمثل هذا الاسناد، فقد صحح حديث عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل: لأنظرن إلى صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما جلس للتشهد الحديث، وإنما الذي قصر بهذا عن التصحيح عنده الغرابة التي أشار إليها وهي تفرد يزيد بن هارون عن شريك، وهو لا يحطه عن درجة الصحيح لجلالة يزيد وحفظه، وأما تفرد شريك به عن عاصم وبه صار حسنا، فإن شريكا لا يصحح حديثه منفردا هذا معنى كلامه. وكذا علل الحديث النسائي بتفرد يزيد بن هارون عن شريك، وقال الدارقطني: تفرد به يزيد عن شريك، ولم يحدث به عن عاصم بن كليب غير شريك، وشريك ليس بالقوي فيما يتفرد به. وقال البيهقي: هذا حديث يعد في إفراد شريك القاضي، وإنما تابعه همام مرسلا، هكذا ذكر البخاري وغيره من الحفاظ المتقدمين، وأخرج الحديث أبو داود من طريق محمد بن جحادة عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه، قال المنذري: عبد الجبار بن وائل لم يسمع من أبيه، وكذا قال ابن معين، وأخرجه أيضا من طريق همام عن شقيق عن عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو مرسل. وكذا قال الترمذي وغيره كما تقدم، لأن كليب بن شهاب والد عاصم لم يدرك النبي (ص). (وفي الباب) عن