باب قضاء الفوائت عن أنس بن مالك: أن النبي (ص) قال من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك متفق عليه. ولمسلم: إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها فإن الله عز وجل يقول: * (أقم الصلاة لذكري) * (طه: 14). وعن أبي هريرة: عن النبي (ص) قال: من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله تعالى يقول: * (أقم الصلاة لذكري) * رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي.
قوله: من نسي تمسك بدليل الخطاب من قال: إن العامد لا يقضي الصلاة، لان انتفاء الشرط يستلزم انتفاء المشروط، فيلزم منه أن من لم ينس لا يصلي، وإلى ذلك ذهب داود وابن حزم وبعض أصحاب الشافعي، وحكاه في البحر عن ابني الهادي والأستاذ ورواية عن القاسم والناصر. قال ابن تيمية حفيد المصنف: والمنازعون لهم ليس لهم حجة قط يرد إليها عند التنازع وأكثرهم يقولون: لا يجب القضاء إلا بأمر جديد وليس معهم هنا أمر، ونحن لا ننازع في وجوب القضاء فقط، بل ننازع في قبول القضاء منه وصحة الصلاة في غير وقتها، وأطال البحث في ذلك واختار ما ذكره داود ومن معه، والامر كما ذكره فإني لم أقف مع البحث الشديد للموجبين للقضاء على العامد، وهم من عدا من ذكرنا على دليل ينفق في سوق المناظرة ويصلح للتعويل عليه في مثل هذا الأصل العظيم إلا حديث: فدين الله أحق أن يقضى باعتبار ما يقتضيه اسم الجنس المضاف من العموم ولكنهم لم يرفعوا إليه رأسا، وأنهض ما جاؤوا به في هذا المقام قولهم: إن الأحاديث الواردة بوجوب القضاء على الناسي يستفاد من مفهوم خطابها وجوب القضاء على العامد لأنها من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى، فتدل بفحوى الخطاب وقياس الأولى على المطلوب، وهذا مردود لأن القائل بأن العامد لا يقضي لم يرد أنه أخف حالا من