القول بعدم الوجوب حديث ابن مسعود المذكور في الباب، وحديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا أحدث الرجل وقد جلس في آخر صلاته قبل أن يسلم فقد جازت صلاته أخرجه أبو داود والترمذي وقال: ليس إسناده بذاك القوي وقد اضطربوا في إسناده، وإنما أشار إلى عدم قوة إسناده لأن فيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي، وقد ضعفه بعض أهل العلم. وقال النووي في شرح المهذب: إنه ضعيف باتفاق الحفاظ وفيه نظر، فإنه قد وثقه غير واحد منهم زكريا الساجي وأحمد بن صالح المصري، وقال يعقوب بن سفيان: لا بأس به، وقال يحيى بن معين: ليس به بأس. وأما الاستدلال للوجوب بحديث سمرة بن جندب المتقدم فهو أيضا لا ينتهض لذلك إلا بعد تسليم تأخره لما عرفت على أنه أخص من الدعوى، لأن غاية ما فيه أمر المؤتمين بالرد على الامام والتسليم على بعضهم بعضا، وليس فيه ذكر المنفرد والامام، على أن الامر بالرد على الامام صيغته غير صيغة السلام الذي للخروج الذي هو محل النزاع، فلا يصلح للتمسك به على الوجوب. وأما اعتذار صاحب ضوء النهار عن الحديث بهجر ظاهره بإسقاط التحاب المذكور فيه فغير صحيح، لأن التحاب المأمور به هو الموالاة بين المؤمنين وهي واجبة فلم يهجر ظاهره. وقد احتج المهدي في البحر بقوله تعالى: * (ويسلموا تسليما) * (النساء: 65) وبقوله تعالى: * (فسلموا) * (النور: 61) وهو غفلة عن سببهما.
(فإن قال) الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب لزمه إيجاب السلام في غير الصلاة وقد أجمع الناس على عدم وجوبه، فإن قال: الاجماع صارف عن وجوبه خارج الصلاة.
قلنا: سلمنا فحديث المسئ صارف عن الوجوب في محل النزاع مع عدم العلم بالتأخر.
باب في الدعاء والذكر بعد الصلاة عن ثوبان قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والاكرام رواه الجماعة إلا البخاري.
قوله: إذا انصرف قال النووي: المراد بالانصراف السلام. قوله: استغفر ثلاثا فيه مشروعية الاستغفار ثلاثا، وقد استشكل استغفاره صلى الله عليه وآله وسلم مع أنه مغفور له. قال ابن سيد الناس: هو وفاء بحق العبودية وقيام بوظيفة الشكر كما