تجعل حلقة أو قرطا أو خاتما للنساء، أو في سيف الرجل، وكره الكثير منه الذي هو عادة أهل السرف والخيلاء والتكبر. وقد يضبط الكثير منه بما كان نصابا تجب فيه الزكاة واليسير بما لا تجب فيه انتهى. وقد ذكر مثل هذا الكلام الخطابي في المعالم وجعل هذا الاستثناء خاصا بالنساء، قال: لأن جنس الذهب ليس بمحرم عليهن كما حرم على الرجال قليله وكثيره.
باب لبس الحرير للمريض عن أنس: أن النبي (ص) رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير في لبس الحرير لحكة كانت بهما رواه الجماعة، إلا أن لفظ الترمذي: أن عبد الرحمن بن عوف والزبير شكوا إلى النبي (ص) القمل فرخص لهما في قمص الحرير في غزاة لهما.
وهكذا في صحيح مسلم أن الترخيص لعبد الرحمن والزبير كان في السفر. وزعم المحب الطبري انفراده به وعزاه إليهما ابن الصلاح وعبد الحق والنووي. قوله: في قمص الحرير بضم القاف والميم جمع قميص ويروى بالافراد. قوله: لحكة بكسر الحاء وتشديد الكاف. قال الجوهري: هي الجرب، وقيل هي غيره، وهكذا يجوز لبسه للقمل كما في رواية الترمذي وهي أيضا في الصحيحين. والتقييد بالسفر بيان للحال الذي كانا عليه لا للتقييد، وقد جعل السفر بعض الشافعية قيدا في الترخيص وهو ضعيف، ووجهه أنه شاغل عن التفقد والمعالجة، واختاره ابن الصلاح لظاهر الحديث والجمهور على خلافه.
(والحديث) يدل على جواز لبس الحرير لعذر الحكة والقمل عند الجمهور، وقد خالف في ذلك مالك والحديث حجة عليه، ويقاس غيرهما من الحاجات عليهما، وإذا ثبت الجواز في حق هذين الصحابين ثبت في حق غيرهما ما لم يقم دليل على اختصاصهما بذلك وهو مبني على الخلاف المشهور في الأصول، فمن قال: حكمه على الواحد حكم على الجماعة كان الترخيص لهما ترخيصا لغيرهما إذا حصل له عذر مثل عذرهما، ومن منع من ذلك ألحق غيرهما بالقياس بعدم الفارق.