الواجبات واللازم باطل فالملزوم مثله. وإن كانت صيغة الامر الواردة بوجوب زيادة على هذا الحديث غير معلومة التقدم عليه ولا التأخر ولا المقارنة، فهذا محل الاشكال ومقام الاحتمال، والأصل عدم الوجوب والبراءة منه حتى يقوم دليل يوجب الانتقال عن الأصل والبراءة، ولا شك أن الدليل المفيد للزيادة على حديث المسئ إذا التبس تاريخه محتمل لتقدمه عليه وتأخره، فلا ينتهض للاستدلال به على الوجوب، وهذا التفصيل لا بد منه، وترك مراعاته خارج عن الاعتدال إلى حد الافراط أو التفريط، لأن قصر الواجبات على حديث المسئ فقط، وإهدار الأدلة الواردة بعده تخيلا لصلاحيته لصرف كل دليل يرد بعده دال على الوجوب، سد لباب التشريع، ورد لما تجدد من واجبات الصلاة، ومنع للشارع من إيجاب شئ منها وهو باطل لما عرفت من تجدد الواجبات في الأوقات. والقول بوجوب كل ما ورد الامر به من غير تفصيل، يؤدي إلى إيجاب كل أقوال الصلاة وأفعالها التي ثبتت عنه صلى الله عليه وآله وسلم من غير فرق بين أن يكون ثبوتها قبل حديث المسئ أو بعده، لأنها بيان للامر القرآني أعني قوله تعالى: * (أقيموا الصلاة) * (الأحزاب: 56) ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي وهو باطل لاستلزامه تأخير البيان عن وقت الحاجة، وهو لا يجوز عليه صلى الله عليه وآله وسلم. وهكذا الكلام في كل دليل يقضي بوجوب أمر خارج عن حديث المسئ، ليس بصيغة الامر كالتوعد على الترك أو الذم لمن لم يفعل. وهكذا يفصل في كل دليل يقتضي عدم وجوب شئ مما اشتمل عليه حديث المسئ أو تحريمه إن فرضنا وجوده. (وقد استدل) بالحديث على عدم وجوب الإقامة، ودعاء الافتتاح، ورفع اليدين في الاحرام وغيره، ووضع اليمنى على اليسرى، وتكبيرات الانتقال، وتسبيحات الركوع والسجود، وهيئات الجلوس، ووضع اليد على الفخذ، والقعود ونحو ذلك. قال الحافظ: وهو في معرض المنع لثبوت بعض ما ذكر في بعض الطرق اه. وقد قدمنا البعض من ذلك. وللحديث فوائد كثيرة، قال أبو بكر بن العربي: فيه أربعون مسألة ثم سردها.
وعن حذيفة أنه رأى رجلا لا يتم ركوعه ولا سجوده، فلما قضى صلاته دعاه فقال له حذيفة: ما صليت ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمدا صلى الله عليه وآله وسلم رواه أحمد والبخاري.
قوله: رأى حذيفة رجلا روى عبد الرزاق وابن خزيمة وابن حبان من طريق