بينهما هو عمرو بن خالد الواسطي، ووقع في زيادات المسند وفي الدارقطني ومسند الهيثم بن كليب تصريح ابن جريج بأخبار حبيب له وهو وهم كما قال الحافظ. والحديث يدل على أن الفخذ عورة، وقد ذهب إلى ذلك العترة والشافعي وأبو حنيفة. قال النووي:
ذهب أكثر العلماء إلى أن الفخذ عورة، وعن أحمد ومالك في رواية العورة القبل والدبر فقط، وبه قال أهل الظاهر وابن جرير والاصطخري، قال الحافظ في ثبوت ذلك عن ابن جرير نظر، فقد ذكر المسألة في تهذيبه ورد على من زعم أن الفخذ ليست بعورة، واحتجوا بما سيأتي في الباب الذي بعد هذا، والحق أن الفخذ من العورة، وحديث علي هذا وإن كان غير منتهض على الاستقلال ففي الباب من الأحاديث ما يصلح للاحتجاج به على المطلوب كما ستعرف ذلك. وأما حديث عائشة وأنس الآتيان في الباب الذي بعد هذا فهما وارد في قضايا معينة مخصوصة يتطرق إليها من احتمال الخصوصية أو البقاء على أصل الإباحة ما لا يتطرق إلى الأحاديث المذكورة في هذا الباب لأنها تتضمن إعطاء حكم كلي وإظهار شرع عام فكان العمل بها أولى، كما قال القرطبي على أن طرف الفخذ قد يتسامح في كشفه لا سيما في مواطن الحرب ومواقف الخصام، وقد تقرر في الأصول أن القول أرجح من الفعل.
وعن محمد بن جحش قال: مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على معمر وفخذاه مكشوفتان فقال: يا معمر غط فخذيك فإن الفخذين عورة رواه أحمد والبخاري في تاريخه.
الحديث أخرجه البخاري أيضا في صحيحه تعليقا والحاكم في المستدرك، كلهم من طريق إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبي كثير مولى محمد بن جحش عنه فذكره. قال الحافظ في الفتح: رجاله رجال الصحيح غير أبي كثير فقد روى عنه جماعة لكن لم أجد فيه تصريحا بتعديل. وقد أخرج ابن قانع هذا الحديث من طريقه أيضا قال: وقد وقع لي حديث محمد بن جحش هذا مسلسلا بالمحمديين من ابتدائه إلى انتهائه وقد أمليته في الأربعين المتباينة. والحديث يدل على أن الفخذ عورة، وقد تقدم ذكر الخلاف فيه وبيان ما هو الحق. ومحمد بن جحش هذا هو محمد بن عبد الله بن جحش نسب إلى جده، له ولأبيه صحبة، وزينب بنت جحش هي عمته، ومعمر المشار إليه هو معمر بن عبد الله بن نضلة القرشي العدوي.