وابن مسعود وغيرهما ولكن فيها مقال. قوله في الحديث: قولوا استدل بذلك على وجوب الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم بعد التشهد، وإلى ذلك ذهب عمر وابنه عبد الله وابن مسعود وجابر بن زيد. والشعبي ومحمد بن كعب القرظي وأبو جعفر الباقر والهادي والقاسم والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق وابن المواز، واختاره القاضي أبو بكر بن العربي.
(وذهب الجمهور) إلى عدم الوجوب منهم: مالك وأبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي والناصر من أهل البيت وآخرون. قال الطبري والطحاوي: إنه أجمع المتقدمون والمتأخرون على عدم الوجوب. وقال بعضهم: إنه لم يقل بالوجوب إلا الشافعي وهو مسبوق بالاجماع. وقد طول القاضي عياض في الشفاء الكلام على ذلك، ودعوى الاجماع من الدعاوي الباطلة لما عرفت من نسبة القول بالوجوب إلى جماعة من الصحابة والتابعين وأهل البيت والفقهاء، ولكنه لا يتم الاستدلال على وجوب الصلاة بعد التشهد بما في حديث الباب من الامر بها، وبما في سائر أحاديث الباب، لأن غايتها الامر بمطلق الصلاة عليه (ص) وهو يقتضي الوجوب في الجملة، فيحصل الامتثال بإيقاع فرد منها خارج الصلاة، فليس فيها زيادة على ما في قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) * (الأحزاب: 56) ولكنه يمكن الاستدلال لوجوب الصلاة في الصلاة بما أخرجه ابن حبان والحاكم والبيهقي وصححوه، وابن خزيمة في صحيحه والدارقطني من حديث ابن مسعود بزيادة: كيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟ وفي رواية: كيف نصلي عليك في صلاتنا؟. وغاية هذه الزيادة أن يتعين بها محل الصلاة عليه (ص) وهو مطلق الصلاة، وليس فيها ما يعين محل النزاع وهو إيقاعها بعد التشهد الأخير. ويمكن الاعتذار عن القول بالوجوب بأن الأوامر المذكورة في الأحاديث تعليم كيفية وهي لا تفيد الوجوب، فإنه لا يشك من له ذوق أن من قال لغيره: إذا أعطيتك درهما فكيف أعطيك إياه أسرا أم جهرا؟ فقال له: أعطنيه سرا، كان ذلك أمرا بالكيفية التي هي السرية لا أمرا بالاعطاء، وتبادر هذا المعنى لغة وشرعا وعرفا لا يدفع. وقد تكرر في السنة وكثر فمنه: إذا قام أحدكم الليل فليفتتح الصلاة بركعتين خفيفتين الحديث. وكذا قوله (ص) في صلاة الاستخارة: فليركع ركعتين ثم ليقل الحديث، وكذا قوله في صلاة التسبيح:
فقم وصل أربع ركعات. وقوله في الوتر: فإذا خفت الصبح فأوتر بركعة والقول بأن هذه الكيفية المسؤول عنها هي كيفية الصلاة المأمور بها في القرآن فتعليمها بيان للواجب