قال اليعمري: ولا دليل فيه لوجهين: الأول أن قصة أبي محذورة أول ما أسلم لأنه أعطاه حين علمه الاذان وذلك قبل إسلام عثمان بن أبي العاص فحديث عثمان متأخر. الثاني:
أنها واقعة يتطرق إليها الاحتمال، وأقرب الاحتمالات فيها أن يكون من باب التأليف لحداثة عهده بالاسلام، كما أعطي حينئذ غيره من المؤلفة قلوبهم، ووقائع الأحوال إذا تطرق إليها الاحتمال سلبها الاستدلال لما يبقى فيها من الاجمال انتهى. وأنت خبير بأن هذا الحديث لا يرد على من قال: إن الأجرة إنما تحرم إذا كانت مشروطة لا إذا أعطيها بغير مسألة، والجمع بين الحديثين بمثل هذا حسن.
(179) باب فيمن عليه فوائت أن يؤذن ويقيم للأولى ويقيم لكل صلاة بعدها عن أبي هريرة قال: عرسنا مع رسول الله (ص) فلم نستيقظ حتى طلعت الشمس فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ليأخذ كل رجل برأس راحلته فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان، قال: ففعلنا ثم دعا بالماء فتوضأ ثم صلى سجدتين ثم أقيمت الصلاة فصلى الغداة رواه أحمد ومسلم والنسائي. ورواه أبو داود ولم يذكر فيه سجدتي الفجر وقال فيه: فأمر بلالا فأذن وأقام وصلى.
الامر بالإقامة للمقضية ثابت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ:
وأمر بلالا فأقام الصلاة الحديث بطوله في نومهم في الوادي، وفيه من حديث أبي قتادة: أن بلالا أذن. قوله: عرسنا قد تقدم تفسيره في باب قضاء الفوائت.
قوله: فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان قال النووي: فيه دليل على اجتناب مواضع الشيطان وهو أظهر المعنيين في النهي عن الصلاة في الحمام. قوله:
ثم صلى سجدتين يعني ركعتين وفيه دليل على استحباب قضاء النافلة الراتبة.
قوله: فأذن وأقام استدل به على مشروعية الأذان والإقامة في الصلاة المقضية، وقد ذهب إلى استحبابهما في القضاء الهادي والقاسم والناصر وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل وأبو ثور، وقال مالك والأوزاعي، ورواه المهدي في البحر قولا للشافعي أنه لا يستحب الاذان واحتج لهم بأنه لم ينقل في قضائه الأربع، وأجاب عن ذلك بأنه نقل في رواية ثم قال: سلمنا فتركه خوف اللبس، وسيأتي