المجمل فتكون واجبة لا يتم إلا بعد تسليم أن الامر القرآني بالصلاة مجمل وهو ممنوع، لاتضاح معنى الصلاة والسلام المأمور بهما، على أنه قد حكى الطبري الاجماع، على أن محمل الآية على الندب، فهو بيان لمجمل مندوب لا واجب، ولو سلم انتهاض الأدلة على الوجوب لكان غايتها أن الواجب فعلها مرة واحدة، فأين دليل التكرار في كل صلاة؟ ولو سلم وجود ما يدل على التكرار لكان تركها في تعليم المسئ دالا على عدم وجوبه. (ومن جملة) ما استدل به القائلون بوجوب الصلاة بعد التشهد الأخير ما أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح من حديث علي عن النبي (ص) أنه قال: البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي قالوا: وقد ذكر النبي في التشهد، وهذا أحسن ما يستدل به على المطلوب، لكن بعد تسليم تخصيص البخل بترك الواجبات وهو ممنوع، فإن أهل اللغة والشرع والعرف يطلقون اسم البخيل على من يشح بما ليس بواجب، فلا يستفاد من الحديث الوجوب. واستدلوا أيضا بحديث عائشة عند الدارقطني والبيهقي بلفظ: لا صلاة إلا بطهور والصلاة علي وهو مع كونه في إسناده عمرو بن شمر وهو متروك، وجابر الجعفي وهو ضعيف لا يدل على المطلوب، لأن غايته إيجاب الصلاة عليه (ص) من دون تقييد بالصلاة، فأين دليل التقييد بما سلمنا؟ فأين دليل تعيين وقتها بعد التشهد؟ ومثله حديث سهل بن سعد عند الدارقطني والبيهقي والحاكم بلفظ: لا صلاة لمن لم يصل على نبيه وهو مع كونه غير مفيد للمطلوب كما عرفت ضعيف الاسناد كما قال الحافظ في التلخيص: (ومن جملة أدلتهم) ما أخرجه الدارقطني من حديث أبي مسعود بلفظ: من صلى صلاة لم يصل فيها علي وعلى أهل بيتي لم تقبل منه وهو لا يدل على المطلوب، وغايته إيجاب الصلاة في مطلق الصلاة، فأين دليل التقييد ببعد التشهد؟ على أنه لا يصلح للاستدلال به، فإن الدارقطني قال بعد إخراجه: الصواب أنه من قول أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين.
(واستدلوا) أيضا بحديث فضالة بن عبيد الآتي، وغايته إيجاب الصلاة في مطلق الصلاة عند إرادة الدعاء، فما الدليل على الوجوب بعد التشهد؟ على أنه حجة عليهم لا لهم كما سيأتي للمصنف. (ومن جملة أدلتهم) ما قاله المهدي في البحر أنه لا حتم في غير الصلاة إجماعا فتعين فيها للامر والاجماع ممنوع، فقد قال مالك: إنها تجب في العمر مرة، وإليه ذهب أهل الظاهر. وقال الطحاوي: إنها تجب كلما ذكر، واختاره الحليمي من الشافعية.
قال ابن دقيق العيد: وقد كثر الاستدلال على الوجوب في الصلاة بين المتفقهة بأن الصلاة