على النفس من التسامي المشوب بنوع من التكبر لقصد التوصل بذلك إلى تمام المطالب الدينية من أمر بمعروف أو نهي عن منكر عند من لا يلتفت إلا إلى ذوي الهيئات، كما هو الغالب على عوام زماننا وبعض خواصه، لا شك أنه من الموجبات للاجر، لكنه لا بد من تقييد ذلك بما يحل لبسه شرعا.
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة.
الحديث أخرجه أيضا النسائي ورجال إسناده ثقات، رواه أبو داود عن شيخه محمد بن عيسى بن بحيح بن الطباع قال فيه أبو حاتم: مبرز ثقة له عدة مصنفات عن أبي عوانة الوضاح وهو ثقة عن عثمان بن أبي زرعة الثقفي، وقد أخرج له البخاري في الأنبياء عن المهاجر بن عمرو البسامي، وقد أخرج له ابن حبان في الثقات عن ابن عمر، وأخرجه أيضا من طريق محمد بن عيسى عن القاضي شريك عن عثمان بذلك الاسناد. قوله: من لبس ثوب شهرة قال ابن الأثير: الشهرة ظهور الشئ، والمراد أن ثوبه يشتهر بين الناس لمخالفة لونه لألوان ثيابهم، فيرفع الناس إليه أبصارهم ويختال عليهم بالعجب والتكبر. قوله:
ألبسه الله تعالى ثوب مذلة لفظ أبي داود ثوبا مثله، والمراد بقوله ثوب مذلة يوجب ذلته يوم القيامة، كما لبس في الدنيا ثوبا يتعزز به على الناس ويترفع به عليهم، والمراد بقوله مثله في تلك الرواية أنه مثله في شهرته بين الناس. قال ابن رسلان: لأنه لبس الشهرة في الدنيا ليعز به ويفتخر على غيره، ويلبسه الله يوم القيامة ثوبا يشتهر بمذلته واحتقاره بينهم عقوبة له، والعقوبة من جنس العمل انتهى. ويدل على هذا التأويل الزيادة التي زادها أبو داود من طريق أبي عوانة بلفظ: تلهب فيه النار. (والحديث) يدل على تحريم لبس ثوب الشهرة، وليس هذا الحديث مختصا بنفيس الثياب، بل قد يحصل ذلك لمن يلبس ثوبا يخالف ملبوس الناس من الفقراء ليراه الناس فيتعجبوا من لباسه ويعتقدوه قاله ابن رسلان، وإذا كان اللبس لقصد الاشتهار في النار فلا فرق بين رفيع الثياب ووضيعها، والموافق لملبوس الناس والمخالف، لأن التحريم يدور مع الاشتهار والمعتبر القصد وإن لم يطابق الواقع.
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقال أبو بكر: إن أحد شقي إزاري يسترخي