تصلح للمتمسك بها على الوجوب، ولكنه لم يقل به أحد، على أنه قد أشار البخاري إلى أن ذلك وهم لأنها عقبها بقوله: قال أبو أسامة في الأخير حتى يستوي قائما. ويمكن أن يحمل إن كان محفوظا على الجلوس للتشهد انتهى. فشكك البخاري هذه الرواية التي ذكرها ابن نمير بمخالفة أبي أسامة وبقوله إن كان محفوظا. قال في البدر المنير ما معناه:
وقد أثبت هذه الزيادة إسحاق بن راهويه في مسنده عن أبي أسامة كما قال ابن نمير.
وكذلك البيهقي من طريقه، وزاد أبو داود في حديث رفاعة: فإذا جلست في وسط الصلاة يعني التشهد الأوسط فاطمئن وافرش فخذك ثم تشهد. (الحديث يدل) على وجوب الطمأنينة في جميع الأركان كما تقدم، وقد جزم كثير من العلماء بأن واجبات الصلاة هي المذكورة في طرق هذا الحديث، واستدلوا به على عدم وجوب من لم يذكر فيه. قال ابن دقيق العيد: تقرر من الفقهاء الاستدلال بهذا الحديث على وجوب ما ذكر فيه وعدم وجوب ما لم يذكر فيه، فأما وجوب ما ذكر فيه فلتعلق الامر به، وأما عدم وجوب غيره فليس ذلك بمجرد كون الأصل عدم الوجوب بل لأمر زائد على ذلك، وهو أن الموضع موضع تعليم، وبيان للجاهل، وتعريف لواجبات الصلاة، وذلك يقتضي انحصار الواجبات فيما ذكر، ويقوي مرتبة الحصر أنه (ص) ذكر ما تعلقت به الإساءة من هذا المصلي، وما لم يتعلق به أساءته من واجبات الصلاة. وهذا يدل على أنه لم يقصر المقصود على ما وقعت به الإساءة فقط. فإذا تقرر هذا، فكل موضع اختلفت العلماء في وجوبه وكان مذكورا في هذا الحديث فلنا أن نتمسك به في وجوبه، وكل موضع اختلفوا في عدم وجوبه ولم يكن مذكورا في هذا الحديث فلنا أن نتمسك به في عدم وجوبه لكونه غير مذكور على ما تقدم من كونه موضع تعليم، ثم قال: إلا أن على طالب التحقيق ثلاث وظائف: أحدها أن يجمع طرق الحديث ويحصي الأمور المذكورة فيه، ويأخذ بالزائد فالزائد فإن الاخذ بالزائد واجب. وثانيها: إذا أقام دليلا على أحد الامرين إما الوجوب أو عدم الوجوب، فالواجب العمل به ما لم يعارضه ما هو أقوى، وهذا عند النفي يجب التحرز فيه أكثر، فلينظر عند التعارض أقوى الدليلين يعمل به، قال: وعندنا أنه إذا استدل على عدم وجوب شئ بعدم ذكره في الحديث، وجاءت صيغة الامر به في حديث آخر، فالمقدم صيغة الامر وإن كان يمكن أن يقال الحديث دليل على عدم الوجوب ويحمل صيغة الامر على الندب، ثم ضعفه بأنه إنما يتم إذا