ذلك القاضي عياض وفسره أبو عبيد وغيره بالاقعاء المنهي عنه، وهو أن يلصق أليتيه بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض كإقعاء الكلب. وقال ابن رسلان في شرح السنن: هي أن يفرش قدميه ويجلس على عقبيه. قوله: وكان ينهى أن يفرش الرجل ذراعيه افتراش السبع هو أن يضع ذراعيه على الأرض في السجود، ويفضي بمرفقه وكفه إلى الأرض (والحديث) قد اشتمل على كثير من فروض الصلاة وأركانها، وقد تقدم الكلام على جميع ما فيه كل شئ في بابه إلا التسليم فسيأتي البحث عنه.
وعن أبي هريرة قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ثلاث: عن نقرة كنقرة الديك، وإقعاء كإقعاء الكلب، والتفات كالتفات الثعلب رواه أحمد.
الحديث أخرجه البيهقي أيضا وأشار إليه الترمذي وهو من رواية ليث بن أبي سليم، وأخرجه أيضا أبو يعلى والطبراني في الأوسط، قال في مجمع الزوائد: وإسناد أحمد حسن، والنهي عن نقرة كنقرة الغراب أخرجه أيضا أبو داود والنسائي وابن ماجة من حديث عبد الرحمن بن شبل، والنهي عن الاقعاء أخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجة من حديث علي مرفوعا بلفظ: لا تقع بين السجدتين وفي إسناده الحرث الأعور، وأخرجه ابن ماجة من رواية أنس بلفظ: إذا رفعت رأسك من السجود فلا تقع كما يقعي الكلب، ضع أليتيك بين قدميك وألزق ظاهر قدميك بالأرض وفي إسناده العلاء أبو محمد وقد ضعفه بعض الأئمة، وأخرج البيهقي من روايته حديثا آخر بلفظ:
نهى عن الاقعاء والتورك وأخرج أيضا من حديث جابر بن سمرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الاقعاء في الصلاة. وأخرج ابن ماجة عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا سجد فرفع رأسه لم يسجد حتى يستوي جالسا وكان يفرش رجله اليسرى. قوله: عن نقرة كنقرة الديك النقرة بفتح النون والمراد بها كما قال ابن الأثير ترك الطمأنينة وتخفيف السجود، وأن لا يمكث فيه إلا قدر وضع الغراب منقاره فيما يريد الاكل منه كالجيفة، لأنه يتابع في النقر منها من غير تلبث. قوله: وإقعاء كإقعاء الكلب الاقعاء قد اختلف في تفسيره اختلافا كثيرا. قال النووي: والصواب الذي لا يعدل عنه إن الاقعاء نوعان: أحدهما أن يلصق أليتيه بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض كإقعاء الكلب، هكذا فسره أبو عبيدة معمر بن المثنى، وصاحبه أبو عبيد القاسم بن سلام وآخرون من أهل