وابن حبان، والبزار عن أبي ذر، وأبي مسلم الكجي من حديث ابن عباس، والطبراني في الأوسط من حديث أنس وابن عمر، وعن أبي نعيم في الحلية عن أبي بكر، وابن خزيمة عن جابر، وحمل ذلك العلماء على المبالغة، لأن المكان الذي تفحصه القطاة لتضع فيه بيضها وترقد عليه لا يكفي مقداره للصلاة، وقيل: هي على ظاهرها، والمعنى أنه يزيد في مسجد قدرا يحتاج إليه تكون تلك الزيادة هذا القدر، أو يشترك جماعة في بناء مسجد فيقع حصة كل واحد منهم ذلك القدر، وفي رواية للبخاري قال بكير: حسبت أنه قال يعني شيخه عاصم بن عمر بن قتادة: يبتغي به وجه الله قال الحافظ: وهذه الجملة لم يجزم بها بكير في الحديث، ولم أرها إلا من طريقه هكذا وكأنها ليست في الحديث بلفظها، فإن كل من روى الحديث من جميع الطرق إليه لفظهم:
من بنى لله مسجدا فكأن بكيرا نسيها فذكرها بالمعنى مترددا في اللفظ الذي ظنه انتهى ولكنه يؤدي معنى هذه الزيادة. قوله: من بنى لله فإن الباني للرياء والسمعة والمباهاة ليس بانيا لله، وأخرج الطبراني من حديث عائشة بزيادة: لا يريد به رياء ولا سمعة. قوله: بنى الله له مثله وقد اختلف في معنى المماثلة، فقال ابن العربي: مثله في القدر والمساحة، ويرده زيادة بيتا أوسع منه عند أحمد والطبراني من حديث ابن عمر. وروى أحمد أيضا من طريق واثلة بن الأسقع بلفظ: أفضل منه وقيل مثله في الجودة والحصانة وطول البقاء، ويرده أن بناء الجنة لا يخرب بخلاف بناء المسجد فلا مماثلة. وقال صاحب المفهم: هذه المثلية ليست على ظاهرها وإنما يعني أنه يبنى له بثوابه بيتا أشرف وأعظم وأرفع. وقال النووي:
يحتمل أن يكون مثله معناه بنى الله له مثله في مسمى البيت، وأما صفته في السعة وغيرها فمعلوم فضلها، فإنها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ويحتمل أن يكون معناه أن فضله على بيوت الجنة كفضل المسجد على بيوت الدنيا انتهى. قال الحافظ:
لفظ المثل له استعمالان: أحدهما الافراد مطلقا كقوله تعالى: * (فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا) * (المؤمنون: 47) والآخر المطابقة كقوله تعالى: * (أمم أمثالكم) * (الانعام: 38) فعلى الأول لا يمتنع أن يكون الجزاء أبنية متعددة، فيحصل جواب من استشكل تقييده بقوله مثله مع أن الحسنة بعشر أمثالها، لاحتمال أن يكون المراد بنى الله له عشرة أبنية مثله. وأما من أجاب باحتمال أن يكون صلى الله عليه وآله وسلم قال ذلك قبل نزول قوله تعالى: * (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) * (الانعام: 160) ففيه بعد. وكذا من أجاب بأن التقييد بالواحد لا ينفي الزيادة قال: ومن الأجوبة المرضية أن المثلية هنا بحسب الكمية، والزيادة حاصلة بحسب الكيفية، فكم من بيت خير من