أي أحسن صوتا منك. وفيه دليل على استحباب اتخاذ مؤذن حسن الصوت. وقد أخرج الدارمي وأبو الشيخ بإسناد متصل بأبي محذورة أن رسول الله (ص) أمر بنحو عشرين رجلا فأذنوا فأعجبه صوت أبي محذورة فعلمه الاذان. وأخرجه أيضا ابن حبان من طريق أخرى. ورواه ابن خزيمة في صحيحه، قال الزبير بن بكار: كان أبو محذورة أحسن الناس صوتا وأذانا. ولبعض شعراء قريش في أذان أبي محذورة:
أما ورب الكعبة المستورة * وما تلا محمد من سوره والنغمات من أبي محذوره * لأفعلن فعلة مذكورة وفي رواية للترمذي بلفظ: فقم مع بلال فإنه أندى أو أمد صوتا منك فألق عليه ما قيل لك والمراد بقوله: أو أمد صوتا منك أي أرفع صوتا منك، وفيه استحباب رفع الصوت بالاذان، وسيذكر المصنف لذلك بابا بعد هذا الباب.
وعن أنس قال: أمر بلال أن يشفع الاذان ويوتر الإقامة إلا الإقامة رواه الجماعة.
وليس فيه للنسائي والترمذي وابن ماجة إلا الإقامة. قوله: أمر بلال هو في معظم الروايات على البناء للمفعول. وقد اختلف أهل الأصول والحديث في اقتضاء هذه الصيغة للرفع، والمختار عند محققي الطائفتين أنها تقتضيه، لأن الظاهر أن المراد بالآمر من له الامر الشرعي الذي يلزم اتباعه وهو الرسول (ص)، لا سيما في أمور العبادة فإنها إنما تؤخذ عن توقيف، ويؤيد هذا ما وقع في رواية روح عن عطاء: فأمر بلالا بالنصب وفاعل أمر هو النبي (ص)، وأصرح من ذلك رواية النسائي وغيره عن قتيبة عن عبد الوهاب بلفظ: أن النبي (ص) أمر بلالا قال الحاكم: صرح برفعه إمام الحديث بلا مدافعة قتيبة، قال الحافظ:
ولم يتفرد به، فقد أخرجه أبو عوانة من طريق عبدان المروزي ويحيى بن معين كلاهما عن عبد الوهاب، وطريق يحيى عند الدارقطني أيضا ولم يتفرد عبد الوهاب. وقد رواه البلاذري من طريق أبي شهاب الحناط عن أبي قلابة، وقضية وقوع ذلك عقب المشاورة في أمر النداء، والآمر بذلك النبي (ص) من غير شك. وقد روى البيهقي فيه بالسند الصحيح عن أنس: أن رسول الله (ص) أمر بلالا أن يشفع الاذان ويوتر الإقامة لا ما حكي عن بعضهم من أن الامر لبلال بذلك