إلا أن أتعاهد ذلك منه، فقال: إنك لست ممن يفعل ذلك خيلاء رواه الجماعة إلا أن مسلما وابن ماجة والترمذي لم يذكروا قصة أبي بكر.
قوله: خيلاء فعلاء بضم الخاء المعجمة ممدود. والمخيلة والبطر والكبر والزهو والتبختر والخيلاء كلها بمعنى واحد، يقال: خال واختال اختيالا إذا تكبر، وهو رجل خال أي متكبر، وصاحب خال أي صاحب كبر. قوله: لم ينظر الله إليه النظر حقيقة في إدراك العين للمرئي وهو هنا مجاز عن الرحمة، أي لا يرحمه الله لامتناع حقيقة النظر في حقه تعالى والعلاقة هي السببية، فإن من نظر إلى غيره وهو في حالة ممتهنة رحمه. وقال في شرح الترمذي: عبر عن المعنى الكائن عند النظر بالنظر لأن من نظر إلى متواضع رحمه ومن نظر إلى متكبر مقته، فالرحمة والمقت متسببان عن النظر (والحديث) يدل على تحريم جر الثوب خيلاء، والمراد بجره هو جره على وجه الأرض، وهو الموافق لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار كما سيأتي، وظاهر الحديث أن الاسبال محرم على الرجال والنساء لما في صيغة من في.
قوله: من جر من العموم، وقد فهمت أم سلمة ذلك لما سمعت الحديث فقالت: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال: يرخينه شبرا، فقالت: إذا تنكشف أقدامهن، قال: فيرخينه ذراعا لا يزدن عليه أخرجه النسائي والترمذي، ولكنه قد أجمع المسلمون على جواز الاسبال للنساء، كما صرح بذلك ابن رسلان في شرح السنن، وظاهر التقييد. بقوله: خيلاء يدل بمفهومه أن جر الثوب لغير الخيلاء لا يكون داخلا في هذا الوعيد، قال ابن عبد البر: مفهومه أن الجار لغير الخيلاء لا يلحقه الوعيد إلا أنه مذموم، قال النووي: إنه مكروه وهذا نص الشافعي، قال البويطي في مختصره عن الشافعي: لا يجوز السدل في الصلاة ولا في غيرها للخيلاء ولغيرها خفيف لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر انتهى. قال ابن العربي:
لا يجوز للرجل أن يجاوز بثوبه كعبه ويقول لا أجره خيلاء لأن النهي قد تناوله لفظا، ولا يجوز لمن تناوله لفظا أن يخالفه إذ صار حكمه أن يقول لا أمتثله لأن تلك العلة ليست في، فإنها دعوى غير مسلمة بل إطالة ذيله دالة على تكبره انتهى (وحاصله) أن الاسبال يستلزم جر الثوب، وجر الثوب يستلزم الخيلاء ولو لم يقصده اللابس، ويدل على عدم اعتبار التقييد بالخيلاء ما أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي وصححه من حديث جابر بن سليم من حديث طويل فيه: وارفع إزارك إلى نصف الساق فإن أبيت فإلى الكعبين، وإياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة وإن الله لا يحب المخيلة. وما أخرج الطبراني من