أن محمدا عبده ورسوله ورواه الشافعي وأحمد بتنكير السلام وقالا فيه: وأن محمدا ولم يذكرا أشهد والباقي كمسلم. ورواه أحمد من طريق آخر كذلك لكن بتعريف السلام. ورواه النسائي كمسلم لكنه نكر السلام وقال: وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
الحديث أخرجه أيضا الدارقطني في أحد روايتيه، وابن حبان في صحيحه بتعريف السلام الأول وتنكير الثاني. وأخرجه الطبراني بتنكير الأول وتعريف الثاني. قوله:
التحيات المباركات الصلوات الطيبات قال النووي تقديره: والمباركات والصلوات والطيبات كما في حديث ابن مسعود وغيره، ولكن حذفت اختصارا، وهو جائز معروف في اللغة. (ومعنى الحديث) أن التحيات وما بعدها مستحقة لله تعالى، ولا يصلح حقيقتها لغيره. والمباركات جمع مباركة وهي كثيرة الخير، وقيل: النماء، وهذه زيادة اشتمل عليها حديث ابن عباس، كما اشتمل حديث ابن مسعود على زيادة الواو، ولولا وقوع الاجماع كما قدمنا على جواز كل تشهد من التشهدات الصحيحة لكان اللازم الاخذ بالزائد فالزائد من ألفاظها، وقد مر شرح بقية ألفاظ الحديث.
باب في أن التشهد في الصلاة فرض عن ابن مسعود قال: كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: السلام على الله، السلام على جبريل وميكائيل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تقولوا هكذا ولكن قولوا: التحيات لله وذكره، رواه الدارقطني وقال: إسناده صحيح.
الحديث أخرجه أيضا البيهقي وصححه، وهو من جملة ما استدل به القائلون بوجوب التشهد، وقد ذكرنا ذلك مستوفى في شرح حديث ابن مسعود، وقد صرح صاحب ضوء النهار أن الفرض هنا بمعنى التعيين، وهو شئ لا وجود له في كتب اللغة، وقد صرح صاحب النهاية أن معنى فرض الله أوجب، وكذا في القاموس وغيره. وللفرض معان أخر مذكورة في كتب اللغة لا تناسب المقام ومن جملة ما اعتذر به في ضوء النهار أن قول ابن مسعود هذا اجتهاد منه، ولا يخفى أن كلامه هذا خارج مخرج الرواية لأنه بصدد الرأي، وقول الصحابي: فرض علينا وجب علينا إخبار عن حكم الشارع وتبليغ إلى الأمة، وهو من أهل اللسان العربي، وتجويزه ما ليس بفرض فرضا بعيد، فالأولى الاقتصار في الاعتذار