الترمذي وأبو عوانة وابن حبان) وأخرجه الحاكم والبيهقي والآل والدارقطني. والحديث دليل على شرعية الصلاة للاستسقاء وإليه ذهب الآل. وقال أبو حنيفة: لا يصلي للاستسقاء وإنما شرع الدعاء فقط. ثم اختلف القائلون بشرعية الصلاة فقال جماعة: إنها كصلاة العيد في تكبيرها وقراءتها وهو المنصوص للشافعي عملا بظاهر لفظ ابن عباس. وقال آخرون:
بل يصلي ركعتين لا صفة لهما زائدة على ذلك وإليه ذهب جماعة من الآل ويروى عن علي عليه السلام وبه قال مالك مستدلين بما أخرجه البخاري من حديث عباد بن تميم أنه (ص) صلى بهم ركعتين. وكما يفيده حديث عائشة الآتي قريبا وتأولوا حديث ابن عباس بأن المراد التشبيه في العدد لا في الصفة، ويبعده أنه قد أخرج الدارقطني من حديث ابن عباس: أنه يكبر فيها سبعا وخمسا كالعيدين ويقرأ بسبح وهل أتاك. وإن كان في إسناده مقال فإنه يؤيده حديث الباب. وأما أبو حنيفة فاستدل بما أخرجه أبو داود والترمذي: أنه (ص) استسقى عند أحجار الزيت بالدعاء. وأخرج عوانة في صحيحه، أنه شكا إليه (ص) قوم القحط فقال: اجثوا على الركب وقولوا : يا رب يا رب. وأجيب عنه بأنه ثبت صلاة ركعتين وثبت تركها في بعض الأحيان لبيان الجواز. وقد عد في الهدي النبوي أنواع استسقائه (ص). (فالأول) خروجه (ص) إلى المصلى وصلاته وخطبته. (والثاني) يوم الجمعة على المنبر أثناء الخطبة.
(والثالث) استسقاؤه على منبر المدينة استسقى مجردا في غير الجمعة ولم يحفظ عنه فيه صلاة.
(الرابع) أنه استسقى وهو جالس في المسجد فرفع يديه ودعا الله عز وجل. (الخامس) أنه استسقى عند أحجار الزيت قريبا من الزوراء وهي خارج باب المسجد. (السادس) أنه استسقى في بعض غزواته لما سبقه المشركون إلى الماء، وأغيث صلى الله عليه وسلم في كل مرة استسقى فيها. واختلف في الخطبة في الاستسقاء، فذهب الهادي إلى أنه لا يخطب فيه لقول ابن عباس لم يخطب إلا أنه لا يخفى أنه ينفي الخطبة المشابهة لخطبتهم وذكر ما قاله صلى الله عليه وسلم وقد زاد في رواية أبي داود: أنه (ص) رقى المنبر. والظاهر أنه لا يرقاه إلا للخطبة. وذهب آخرون إلى أنه يخطب فيها كالجمعة لحديث عائشة الآتي وحديث ابن عباس . ثم اختلفوا هل يخطب قبل الصلاة أو بعدها؟ فذهب الناصر وجماعة إلى الأول. وذهب الشافعي وآخرون إلى الثاني مستدلين بحديث أبي هريرة عند أحمد وابن ماجة وأبي عوانة والبيهقي: أنه (ص) خرج للاستسقاء فصلى ركعتين ثم خطب. واستدل الأولون بحديث ابن عباس وقد قدمنا لفظه. وجمع بين الحديثين بأن الذي بدأ به هو الدعاء، فعبر بعض عن الدعاء بالخطبة واقتصر على ذلك ولم يرو في الخطبة بعدها، والراوي لتقديم الصلاة على الخطبة اقتصر على ذلك ولم يروا الدعاء قبلها وهذا جمع بين الروايتين. وأما ما يدعو به فيتحرى ما ورد عنه (ص) من ذلك وقد أبان الألفاظ التي دعا بها صلى الله عليه وسلم بقوله:
(وعن عائشة رضي الله عنها قالت: شكا الناس إلى رسول الله (ص) قحوط المطر)