الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد ما من شئ لم أكن أريته إلا وقد أريته في مقامي هذا حتى الجنة والنار وإنه أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور قريبا أو مثل فتنة المسيح الدجال - لا أدري أي ذلك قالت أسماء - فيؤتى أحدكم فيقال ما علمك بهذا الرجل فأما المؤمن أو الموقن - لا أدري أي ذلك قالت أسماء - فيقول: هو محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا وأطعنا ثلاث مرات ثم يقال: نم قد كنا نعلم أنك تؤمن به فنم صالحا وفي مسلم رواية أخرى في الخطبة بألفاظ فيها زيادة (وفي رواية لمسلم) أي عن ابن عباس (صلى) أي النبي (ص) (حين كسفت الشمس ثماني ركعات) أي ركوعات (في أربع سجدات) في ركعتين لان كل ركعة لها سجدتان والمراد أنه ركع في كل ركعة أربع ركوعات فيحصل في الركعتين ثمان ركوعات وإلى هذه الصفة ذهبت طائفة.
(وعن علي رضي الله عنه) أي وأخرج مسلم عنه (مثل ذلك) أي مثل رواية ابن عباس.
(وله) أي لمسلم (عن جابر) بن عبد الله (صلى) أي النبي صلى الله عليه وسلم (ست ركعات بأربع سجدات) أي صلى ركعتين في كل ركعة ثلاث ركوعات وسجدتان.
(ولأبي داود عن أبي بن كعب رضي الله عنه صلى) أي النبي صلى الله عليه وسلم (فركع خمس ركعات) أي ركوعات في كل ركعة (وسجد سجدتين وفعل في الثانية مثل ذلك) ركع خمس ركوعات وسجد سجدتين. إذا عرفت هذه الأحاديث فقد يحصل من مجموعها أن صلاة الكسوف ركعتان اتفاقا إنما اختلف في كمية الركوعات في كل ركعة فحصل من مجموع الروايات التي ساقها المصنف أربع صور. (الأولى) ركعتان في كل ركعة ركوعان وبهذا أخذ الشافعي ومالك والليث وأحمد وغيرهم وعليها دل حديث عائشة وجابر وابن عباس وابن عمرو، قال ابن عبد البر: هو أصح ما في الباب وباقي الروايات معللة ضعيفة.
(والثانية) ركعتان أيضا في كل ركعة أربع ركوعات وهي التي أفادتها رواية مسلم عن ابن عباس وعلي عليه السلام. (والثالثة) ركعتان أيضا في كل ركعة ثلاث ركوعات وعليها دل حديث جابر.
والرابعة) ركعتان أيضا يركع في كل واحدة خمس ركوعات. ولما اختلفت الروايات اختلف العلماء فالجمهور أخذوا بالأولى لما عرفت من كلام ابن عبد البر، وقال النووي في شرح مسلم: إنه أخذ بكل نوع بعض الصحابة. وقال جماعة من المحققين: إنه مخير بين الأنواع فأيهما فعل فقد أحسن، وهو مبني على أنه تعدد الكسوف وأنه فعل هذا تارة وهذا أخرى، ولكن التحقيق أن كل الروايات حكاية عن واقعة واحدة هي صلاته (ص) يوم وفاة إبراهيم، ولهذا عول الآخرون على إعلال الأحاديث التي حكت الصور الثلاث، قال ابن القيم: كبار الأئمة لا يصححون التعدد لذلك كالامام أحمد والبخاري والشافعي ويرونه غلطا، وذهبت الحنفية إلى أنها تصلي ركعتين كسائر النوافل.
(وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما هبت الريح قط إلا جثا) بالجيم والمثلثة (النبي (ص) على ركبتيه) أي برك عليهما وهي قعدة المخافة لا يفعلها