عليه وهذا لفظ مسلم). الحديث دل على شرعية الجهر بالقراءة في صلاة الكسوف، والمراد كسوف الشمس لما أخرجه أحمد بلفظ خسفت الشمس وقال: ثم قرأ فجهر بالقراءة وقد أخرج الجهر أيضا الترمذي والطحاوي والدار قطني، وقد أخرج ابن خزيمة وغيره من علي عليه السلام مرفوعا الجهر بالقراءة في صلاة الكسوف، وفي ذلك أربعة أقوال:
(الأول) أنه يجهر بالقراءة مطلقا في كسوف الشمس والقمر لهذا الحديث وغيره، وهو إن كان واردا في كسوف الشمس، فالقمر مثله لجمعة صلى الله عليه وسلم بينهما في الحكم حيث قال: فإذا رأيتموهما أي كاسفتين فصلوا وادعوا والأصل استواؤهما في كيفية الصلاة، ونحوهما وهو مذهب أحمد وإسحاق وأبي حنيفة وابن خزيمة وابن المنذر وآخرين. (والثاني) يسر مطلقا لحديث ابن عباس أنه (ص) قام قياما طويلا نحوا من سورة البقرة. فلو جهر لم يقدره بما ذكر وقد علق البخاري عن ابن عباس: أنه قام بجنب النبي (ص) في الكسوف فلم يسمع منه حرفا. ووصله البيهقي من ثلاثة طرق أسانيدها واهية فيضعف القول بأنه يحتمل أن ابن عباس كان بعيدا منه (ص) فلم يسمع جهره بالقراءة . (الثالث) أنه يخير فيهما بين الجهر والاسرار لثبوت الامرين عنه (ص) كما عرفت من أدلة القولين. (الرابع) أنه يسر في الشمس ويجهر في القمر وهو لمن عدا الحنفية من الأربعة عملا بحديث ابن عباس وقياسا على الصلوات الخمس. وما تقدم من دليل أهل الجهر مطلقا أنهض مما قالوه. وقد أفاد حديث الباب أن صفة صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة ركوعان وفي كل ركعة سجدتا ويأتي في شرح الحديث الرابع الخلاف في ذلك (وفي رواية) أي لمسلم عن عائشة (فبعث) أن النبي (ص) (مناديا ينادي: الصلاة جامعة) بنصب الصلاة وجامعة فالأول على أنه مفعول فعل محذوف أي أحضروا، والثاني على الحال ويجوز رفعهما على الابتداء والخبر وفيه تقادير أخر. وهو دليل على مشروعية الاعلام بهذا اللفظ للاجتماع لها ولم يرد الامر بهذا اللفظ عنه (ص) إلا في هذه الصلاة عنه.
(وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: انخسفت الشمس على عهد رسول الله (ص) فصلى رسول الله (ص)، فقام قياما طويلا نحوا من قراءة سورة البقرة، ثم ركع ركوعا طويلا ، ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم سجد، ثم قام قياما طويلا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول، ثم رفع رأسه ثم سجد، ثم انصرف وقد تجلت الشمس فخطب الناس متفق عليه واللفظ للبخاري) وفي رواية لمسلم صلى حين كسفت الشمس ثماني ركعات في أربع سجدات. قوله فصلى ظاهر الفاء التعقيب.
واعلم أن صلاة الكسوف رويت على وجوه كثيرة ذكرها الشيخان وأبو داود وغيرهم وهي سنة باتفاق العلماء. وفي دعوى الاتفاق نظر لأنه صرح أبو عوانة في صحيحه بوجوبها، وحكى عن مالك أنه أجراها مجرى الجمعة وتقدم عن أبي حنيفة إيجابها. ومذهب الشافعي