ان قولهم يفضي إلى تقييد كل واحد من الحديثين، وما ذكرناه حمل لأحدهما وحده (الرابع) ان فيما ذكرناه موافقة عمل الخلفاء الراشدين وأهليهم وفقهاء الصحابة وهم أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته ومعانيها وهو أولى من قول من خالفهم (الخامس) ان ما ذهبنا إليه مجمع عليه، فإن أبا جعفر روى ذلك عن كل أهل بيت بالمدينة، وعن الخلفاء لا ربعة وأهليهم وفقهاء الصحابة واستمرار ذلك وهذا مما لا يجوز خفاؤه ولم ينكره من الصحابة منكر فكان اجماعا، وما روي في مخالفته فقد بينا فساده فيكون هذا إجماعا من الصحابة رضي الله عنهم لا يسوغ لاحد خلافه والقياس يقتضيه، فإن الأرض عين تنمي بالعمل فيها فجازت المعاملة عليها ببعض نمائها كالأثمان في المضاربة والنخل في المساقاة أو نقول أرض فجازت المزارعة عليها كالأرض بين النخيل ولان الحاجة داعية إلى المزارعة لأن أصحاب الأرض قد لا يقدرون على زرعها والعمل عليها والأكرة يحتاجون إلى الزرع ولا أرض لهم فاقتضت حكمة الشرع جواز المزارعة كما قلنا في المضاربة والمساقاة بل الحاجة ههنا آكد لأن الحاجة إلى الزرع آكد منها إلى غيره لكونه مقتاتا ولكون الأرض لا ينتفع بها الا بالعمل عليها بخلاف المال ويدل على ذلك قول راوي حديثهم نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان لنا نافعا والشارع لا ينهى عن المنافع وإنما ينهى عن المضار والمفاسد فيدل ذلك على غلط الرواي في المنهي عنه وحصول المنفعة
(٥٨٧)