(فصل) وإذا كان لرجل داران متلاصقتان ظهر كل واحدة منهما إلى ظهر الأخرى وباب كل واحدة منهما في زقاق غير نافذ فرفع الحاجز بينهما وجعلهما دارا واحدة جاز وان فتح من كل واحدة منهما بابا إلى الأخرى ليتمكن من التطرق من كل واحدة منهما إلى كلا الدارين لم يجز ذكره القاضي لأن ذلك يثبت الاستطراق في الدرب الذي لا ينفذ من دار لم يكن لها فيه طريق ولان ذلك ربما أدى إلى اثبات الشفعة في قول من يثبتها بالطريق لكل واحدة من الدارين في زقاق الأخرى ويحتمل جواز ذلك لأن له رفع الحاجز جميعه فبعضه أولى وهذا أشبه وما ذكرناه للمنع منتقض بما إذا رفع الحائط جميعه وفي كل موضع قلنا ليس له فعله إذا صالحه أهل الدرب بعوض معلوم أو أذنوا له بغير عوض جاز (فصل) إذا تنازع صاحب البابين في الدرب وتداعياه ولم يكن فيه باب لغيرهما ففيه ثلاثة أوجه (أحدها) انه يحكم بالدرب من أوله إلى الباب الذي يلي أوله بينهما لأن لهما الاستطراق فيه جميعا وما بعده إلى صدر الدرب للآخر لأن الاستطراق في ذلك له وحده فله اليد والتصرف (والوجه الثاني) ان من أوله إلى أقصى حائط الأول بينهما لأن ما يقابل ذلك لهما التصرف فيه بناء على أن للأول ان يفتح بابه فيما شا من حائطه وما بعد ذلك للثاني لأنه ليس بفناء للأول ولا له فيه استطراق (والثالث) يكون بينهما لأن لهما جميعا يدا وتصرفا وهكذا الحكم فيما إذا كان لرجل علو خان ولآخر سفله ولصاحب العلو درجة في أثناء صحن الخان فاختلفا في الصحن فما كان من الدرجة إلى باب الخان بينهما وما وراء ذلك إلى صدر الخان على الوجهين (أحدهما) هو لصاحب السفل (والثاني) هو بينهما فإن كانت الدرجة في صدر الصحن فالصحن بينهما لوجود اليد والتصرف منهما جميعا فعلى الوجه الذي يقول إن صدر الدرب مختص بصاحب الباب الصدراني له ان يستبدل بما يختص به منه بان يجعله دهليزا لنفسه أو يدخله في داره على وجه لا يضر بجاره ولا يضع على حائطه شيئا لأن ذلك ملك له ينفرد به (فصل) وليس للرجل التصرف في ملكه تصرفا يضر بجاره نحو ان يبني فيه حماما بين الدور أو يفتح خبازا بين العطارين أو يجعله دكان قصارة يهز الحيطان ويخربها أو يحفر بئرا إلى جانب بئر جاره يجتذب ماءها وبهذا قال بعض أصحاب أبي حنيفة وعن أحمد رواية أخرى لا يمنع وبه قال الشافعي وبعض أصحاب أبي حنيفة لأنه تصرف في ملكه المختص به ولم يتعلق به حق غيره فلم يمنع منه كما لو طبخ في داره أو خبز فيها وسلموا انه يمنع الدق الذي يهدم الحيطان وينثرها
(٥١)