وبعد الموت وبهذا قال الثوري والشافعي وإسحاق وأبو عبيد وأصحاب الرأي، وقال أبو ثور الكفالة والحوالة سواء وكلاهما ينقل الحق عن ذمة المضمون عنه والمحيل وحكي ذلك عن ابن أبي ليلى وابن شبرمة وداود، واحتجوا بما روى أبو سعيد الخدري قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة فلما وضعت قال (هل على صاحبكم من دين؟) قالوا نعم درهمان فقال (صلوا على صاحبكم) فقال علي هما علي يا رسول الله وأنا لهما ضامن فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى عليه ثم أقبل على علي فقال (جزاك الله خيرا عن الاسلام وفك رهانك كما فككت رهان أخيك) فقيل يا رسول الله هذا لعلي خاصة أم للناس عامة؟ فقال (للناس عامة) رواه الدارقطني فدل على أن المضمون عنه برئ بالضمان، وروى الإمام أحمد في المسند عن جابر قال توفي صاحب لنا فأتينا به النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه فخطا خطوة ثم قال (أعليه دين؟) قلنا ديناران فانصرف، فتحملهما أبو قتادة فقال الديناران علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وجب حق الغريم وبرئ الميت منهما؟) قال نعم فصلى عليه ثم قال بعد ذلك (ما فعل الديناران) قال إنما مات أمس قال فعاد إليه من الغد فقال قد قضيتهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (والآن بردت جلدته) وهذا صريح في براءة المضمون عنه لقوله (وبرئ الميت منهما) ولأنه دين واحد فإذا صار في ذمة ثانية برئت الأولى منه كالمحال به وذلك لأن الدين الواحد لا يحل في محلين. ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه) وقوله في خبر أبي قتادة (الآن بردت جلدته) حين أخبره أنه قضى دينه ولأنها وثيقه فلا تنقل الحق كالشهادة، وأما صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على المضمون عنه فلانه بالضمان صار له وفا وإنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يمتنع من الصلاة على مدين لم يخلف وفا؟؟، وأما قوله (لعلي فك الله رهانك كما فككت رهان أخيك) فإنه كان بحال لا يصلي عليه النبي صلى الله عليه وسلم فلما ضمنه فكه من ذلك أو مما في معناه، وقوله (برئ الميت منهما) صرت أنت المطالب بهما وهذا على سبيل التأكيد لثبوت الحق في ذمته ووجوب الأداء عليه بدليل قوله في سياق الحديث حين أخبره بالقضاء (الآن بردت
(٨٢)