تلفها وهذا مما يصح ضمانه كعهدة المبيع فإن ضمانها يصح وهو في الحقيقة التزام رد الثمن أو عوضه ان ظهر بالمبيع عيب أو خرج مستحقا، فأما الأمانات كالوديعة والعين المؤجرة والشركة والمضاربة والعين التي يدفعها إلى القصار والخياط فهذه إن ضمنها من غير تعد فيها لم يصح ضمانها لأنها غير مضمونة على من هي في يده فكذلك على ضامنه وان ضمنها ان تعدى فيها فظاهر كلام أحمد رحمه الله يدل على صحة الضمان فإنه قال في رواية الأثرم في رجل يتقبل من الناس الثياب فقال له رجل ادفع إليه ثيابك وأنا ضامن فقال له هو ضامن لما دفعه إليه يعني إذ تعدى أو تلف بفعله، فعلى هذا ان تلف بغير تفريط منه ولا فعله لم يلزم الضامن شئ لما ذكرنا وان تلف بفعله أو تفريط لزمه ضمانها ولزم ضامنه ذلك لأنها مضمونة على من هي في يده فلزم ضامنه كالغصوب والعواري وهذا في الحقيقة ضمان ما لم يجب وقد بينا جوازه، ويصح ضمان عهدة المبيع عن البائع للمشتري وعن المشترى للبائع، فضمانه على المشتري هو أن يضمن الثمن الواجب بالبيع قبل تسليمه وان ظهر فيه عيب أو استحق رجع بذلك على الضامن، وضمانه عن البائع للمشتري هو ان يضمن عن البائع الثمن متى خرج المبيع مستحقا أو رد بعيب أو أرش العيب، فضمان العهدة في الموضعين هو ضمان الثمن أو جزء منه عن أحدهما للآخر وحقيقة العهدة الكتاب الذي يكتب فيه وثيقة البيع ويذكر فيه الثمن فعبر به عن الثمن الذي يضمنه، وممن أجاز ضمان العهدة في الجملة أبو حنيفة ومالك والشافعي ومنع منه بعض الشافعية لكونه ضمان ما لم يجب وضمان مجهول وضمان عين وقد بينا جواز الضمان في ذلك كله، ولان الحاجة تدعو إلى الوثيقة على البائع والوثائق ثلاثة الشهادة والرهن والضمان، فأما الشهادة فلا يستوفى منها الحق واما الرهن فلا يجوز في ذلك بالاجماع لأنه يؤدي إلى أن يبقى ابدا مرهونا فلم يبق إلا الضمان ولأنه لا يضمن إلا ما كان واجبا حال العقد لأنه إنما يتعلق بالضمان حكم إذا خرج مستحقا أو معيبا حالا العقد
(٧٦)