هذا إذا لم يكن خارج المسجد صفوف متصلة به.
فأما إذا كانت متصلة، فخرج الامام، ولم يتجاوز الصفوف هل تبطل صلاة القوم أم لا؟ قال أبو حنيفة وأبو يوسف: تبطل.
وقال محمد: لا تبطل، لان موضع الصفوف لها حكم المسجد، ألا ترى أن من صلى في الصحراء جاز استخلافه ما لم يتجاوز الصفوف.
والصحيح قولهما، لان القياس أن يكون الانحراف عن القبلة، لقصد الخروج عن المسجد، مبطلا صلاة القوم، إلا أنه بقي إماما حكما، ما دام في المسجد لضرورة صحة الاستخلاف، والضرورة تندفع غالبا في المسجد، فبقي حكم خارج المسجد على أصل القياس لهذا بالاجماع الامام يوم الجمعة، لو كبر وحده في المسجد، والقوم خارج المسجد، متصلا بصفوفهم وكبروا، لا ينعقد الجمعة لان الشرط أن يكون جماعة من القوم والامام في مكان واحد ولم يوجد.
وأما الامام إذا كان يصلي بالناس في الصحراء، فأحدث فما دام في الصفوف، صح استخلافه، وإذا جاوز الصفوف لا يجوز، لان مواضع الصفوف التحقت بالمسجد ههنا، لضرورة صحة الاستخلاف لعدم المسجد.
وهذا إذا ذهب الامام يمنة أو يسرة أو خلفا.
أما إذا مشى أمامه وليس بين يديه بناء، ولا سترة، فإنه لا تفسد صلاتهم ما لم يذهب مقدار ما يجاوز الصفوف التي خلفه، لان هذا أقدر من المشي، ليس بمناف للصلاة، إذا وجد في أحد الجنبين.
أما إذا كان بين يديه حائط أو سترة فجاوزه تفسد صلاتهم، لان السترة تجعل لما دونها حكم المسجد، حتى يباح للمار المرور، وراء السترة، ولا يباح داخل السترة.