وعلى هذا قالوا: لو استنجى على وجه لا تنكشف عورته، بأن ألقى الذيل خلفه وقبله، لا تفسد، لان الاستنجاء مما يحتاج إليه لاحراز الفضيلة.
ولهذا لو استوعب مسح الرأس وتمضمض، واستنشق، وأتى بسائر سنن الوضوء، فإنه يبني لأنه من باب كمال الوضوء.
وأما إذا انكشفت عورته فإنه يقطع البناء، لان كشف العورة مناف للصلاة، ولا حاجة إليه، لان أداء الصلاة يجوز، بدون الاستنجاء في الجملة، ولهذا قلنا: إنه في الحدث العمد لا يبني لأنه نادر، ولا حرج في القول بقطع البناء، بخلاف الحدث السابق.
وعلى هذا:
إذا أغمي عليه، أو جن، أو نام في الصلاة فاحتلم فأنزل، أو نظر إلى فرج امرأته، أو إلى وجهها، وأنزل عن شهوة، أو قهقه في صلاته فإنه لا يبني لأن هذه الأفعال مما لا يغلب في الصلاة.
ولو أصابه الحدث بفعل سماوي، بأن يسقط عليه شئ من السقف، أو بفعل غيره، بأن رماه إنسان بحجر فشجه فسال الدم، فإنه لا يبني عند أبي حنيفة ومحمد، وعند أبي يوسف يبني، لان هذا حدث حصل بغير فعله، فصار كالحدث السابق، والصحيح ما قالا لان هذا مما لا يغلب، فلا يلحق بالغالب، وهو الحدث السابق.
هذا إذا سبقه الحدث في وسط الصلاة.
فأما إذا سبقه بعد ما قعد قدر التشهد الأخير، فإن عليه أن يذهب ويتوضأ ويبني على صلاته، حتى يخرج عن الصلاة على الوجه المسنون بالسلام، لان الحدث السابق لا يقطع التحريمة.
ولو وجد فعل ليس من أفعال الصلاة، ولا من ضرورات الوضوء