فقال: اشتريته، ثم قال: غلطت بل اشتريتها بتسعين، فالبيع صحيح، لأنه لا دليل على فساده، والمشتري بالخيار بين أن يأخذها بمائة وعشرة، لأن العقد على ذلك وقع، وبين أن يردها، لأن ما علمه من النقصان في الثمن عيب، له ردها به إن شاء.
ومن حط من الثمن بعد لزوم العقد شيئا، وأراد البيع مرابحة، لم يلزمه حطه، بل يخبر بما وقع العقد عليه، لأن الثمن قد استقر، ومن قال: إن الحط بعد لزوم العقد يلحق به فعليه الدليل، وإذا أراد أن يحسب أجرة القصارة مثلا والطراز في بيع المرابحة، قال (1): صار علي بكذا، أو جاء علي، ولم يقل: اشتريته.
ومن باع بشرط حكم البائع (2) والمشتري في الثمن، فالبيع فاسد، لما قدمناه من الجهالة بالثمن، فإن تراضيا بإنفاذه فحكم المشتري بالقيمة فما فوقها، أو حكم البائع بالقيمة فما دونها، مضى ما حكما به، وإن حكم البائع بأكثر والمشتري بأقل لم يمض، وقد قدمنا أن تعليق البيع بأجلين وثمنين كقوله: بعت إلى مدة كذا بكذا، وإلى ما زاد عليها بكذا; يفسده، فإن تراضيا بإتمامه كان للبائع أقل الثمنين في أبعد الأجلين، بدليل إجماع الطائفة على ذلك.
وقد قدمنا أن من جمع في صفقة واحدة بين شيئين يصح بيع أحدهما دون الآخر، نفذ البيع فيما يصح فيه; فإذا ثبت ذلك فالمشتري بالخيار بين أن يرد الجميع أو يمسك ما يصح فيه البيع بما يخصه من الثمن الذي يتقسط عليه، لأن جميع الثمن إنما كان في مقابلتهما، ويتقسط عليهما معا، فإذا بطل بيع أحدهما سقط من الثمن بحسابه (3) ومن أوجب الجميع فعليه الدليل، ولا خيار للبائع على المشتري في ذلك، لأن البيع قد ثبت من جهته، فمن جوز له الخيار، فعليه الدليل.