وغيرهم; لأن ما قلناه هو الأصل في كل حق عقلا وشرعا، ولا يخرج من هذا الأصل إلا ما أخرجه دليل قاطع، كحق الرد بالعيب; على أن حق الرد ربما كان في تأخيره إبطاله، لجواز تغير أمارات العيب وخفائها، فحصلت الشبهة في وجوده، فوجب لذلك المسارعة إلى الرد، وليس كذلك حق الشفعة، لأن ما يجب به من عقد البيع قد أمن ذلك فيه، وما يتعلق به المخالف في ذلك أخبار آحاد لا يعول على مثلها في الشرع.
وقولهم: إذا لم تبطل الشفعة بتأخير الطلب دخل على المشتري ضرر، لأنه إذا علم بذلك امتنع من التصرف (1) في المبيع بما يحتاج إليه من غرس وبناء و تغيير، لأن الشفيع يأمره بإزالة ذلك إذا أخذ وهو من أخذه على وجل، وذلك ممنوع منه عقلا وشرعا، الجواب عنه أن يقال: يمكن أن يتحرز من هذا الضرر بما به يسقط الشفعة أصلا، أو بما لا ينشط معه الشفيع إلى الأخذ، أو لا يقدر عليه من زيادة الثمن، ووجوه التحرز من ذلك كثيرة.
ثم يقال لهم على سبيل المعارضة: في مقابلة ضرر المشتري بما ذكرتموه من ضرر الشفيع بالشركة; وإزالة ضرره هاهنا هو المقصود المراعى دون إزالة ضرر المشتري، ولهذا يستحق بالشفعة من علم بالبيع بعد السنين المتطاولة، بلا خلاف وإن كان حاضرا في البلد، وكذا حكم المسافر إذا قدم، والصغير إذا بلغ، ولم يمنع ما ذكرتموه من ضرر المشتري من استحقاقها.
واشترطنا عدم عجزه عن الثمن، لأنه إنما يملك الأخذ إذا دفع إلى المشتري ما بذله للبائع، فإذا تعذر عليه ذلك سقط حقه من الشفعة، وسواء كان عجزه لكونه معسرا، أو لكون ما وقع عليه العقد أو بعضه غير معلوم القيمة، وقد فقدت عينه، بلا خلاف في ذلك.